حيفا ــ فراس خطيباعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، صارت مشهداً اعتيادياً، يكسر كل مرةٍ في حدّته، حدود المألوف. وعلى الرغم من «الإدانات» الصادرة عن سلطات «فرض القانون» والحكومة الإسرائيلية للمستوطنين، إلا أنَّ واقع القهر الذي يحياه الفلسطينيون من وراء جدار الفصل العنصري، بات لا يُحتمل، في حين أنَّ جيش الاحتلال يقف مكتوف الأيدي، ما يوفر غطاءً دائماً لممارسات المستوطنين المدركين أنّ «الإدانات» السياسية والعسكرية لن تتجاوز بمضمونها أكثر من عنوانٍ في وسائل الإعلام... والواقع يشهد.
وذكرت صحيفة «هآرتس» أمس أنَّ الشرطة فتحت تحقيقاً بهجوم مستوطني «يتسهور»، على قرية عصيرة القبلية في الضفة، حين اقتحم عشرات المستوطنين القرية وأطلقوا النار في كل صوبٍ، وألحقوا أضراراً جسيمة بالممتلكات، مدّعين أنهم يردون على اعتداء أحد الفلسطينيين على المستوطنة وجرح طفل هناك.
وذكرت الصحيفة أنَّ كاميرات الإعلام وثّقت جزءاً من الحوادث وصوّرت المعتدين. إلا أنَّ الشرطة الإسرائيلية، اليوم كما في الماضي، «لم تتعرَّف» إلى أحد منهم، وهي بالتالي لم تعتقل أو تعاقب أحداً. أما سكان عصيرة القبلية، فلم يرفعوا بدورهم أي شكوى، بما أنهم يعرفون أنَّ القانون في حالتهم حبر على ورق.
ودان رئيس الوزراء إيهود أولمرت هذا الاعتداء وكذلك وزير دفاعه إيهود باراك، بينما جاء كلام قائد منطقة المركز، الجنرال غادي شمني، معبّراً عن العقلية الصهيونية في تعاطيها مع مثل تلك الأحداث؛ فقد أشار شمني إلى أنّ تعليماته الشخصية تفيد «بألا يقف الجندي جانباً وألا يسمح بمثل هذه الأحداث، لكن لا أستطيع الدخول إلى أحاسيس كل جندي».
المستوطنون يعون جيداً أنَّ القانون في نهاية المطاف ملكهم. ينتشرون أينما شاؤوا، فلا وجود ليد حديدية توقفهم عند حدّهم. وقد بنى عدد من شبيبة المستوطنين (شبيبة التلال)، مستوطنة نائية جديدة تقع على مقربة من «يتسهور»، وقال أحد عناصرهم بعد الاعتداء على المواطنين الفلسطينيين العزّل إنَّ «الرد الذي يوجع العرب فعلاً هو حين تكبر يتسهور وتنتشر». وأضاف أن «حقيقة وجودهم (سكان قرية عصيرة القبلية) اليوم في الأسفل في قريتهم خائفين يبيّن كم نجحنا في إعادة قوة الردع»، مشيراً إلى أن «هذا ممتاز، الناس في البلاد، وبالأساس بسبب وسائل الإعلام، ينسون أن الحديث هو عن عدو (الفلسطينيين) يريد قتلنا. ونحن هنا نفهم هذا. هذه حرب وليست لعبة».
وختم المستوطن «نظريته» بالقول: «عليهم ألا يحدثونا عن قانون ونظام، هنا لا يوجد قانون، ولو كان يوجد قانون، لما كانوا يحرقون لنا حقولنا».