يحيى دبوقلا تعني صدور نتائج الانتخابات الداخلية لحزب «كديما» أن رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي، إيهود أولمرت، سيحزم حقائبه ويغادر سريعاً مقر رئاسة الوزراء. هناك مسافة زمنية تقدر بأسابيع، إلى حين تكليف الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز الفائز في انتخابات الحزب تأليف الحكومة المقبلة. إضافة إلى أن أولمرت يأمل أيضاً أن تؤدي الديناميكية السياسية في إسرائيل والتعقيدات المرتقبة أمام الرئيس المكلف، إلى عدم تمكنه من تحقيق ائتلاف وتأليف حكومة بديلة، ما يتيح له البقاء حتى آذار من العام المقبل، إلى حين موعد الانتخابات المبكرة، بعد إقرارها، علّه يحقق إنجازاً سياسياً ما، يتركه في الساحة السياسية الإسرائيلية كإرث سياسي يستذكره الإسرائيليون من خلاله.
قبل عامين ونصف، انتخب أولمرت رئيساً لوزراء إسرائيل، في أعقاب صدور نتائج الانتخابات النيابية التي حاز فيها حزب رئيس الحكومة السابق أرييل شارون (الذي دخل في غيبوبة شبه مستديمة فخلفه أولمرت في رئاسة الحزب)، أكبر عدد من المقاعد في الكنيست. وأبحر أولمرت سريعاً وبثقة نحو حل مع الفلسطينيين ضمن استراتيجية شارون نفسها في قطاع غزة، بما عرف في حينه بـ«خطة الانطواء» في الضفة الغربية. لكن العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، وتحميله شعبياً مسؤولية الفشل فيه، أدى الى إحباط خططه السياسية. وزاد على وضعه الحرج قضايا فساد ورشى مختلفة، دفعته قسراً الى إقرار انتخابات مبكرة لخلافته في رئاسة الحزب.
يجتهد اولمرت، حتى اللحظة الأخيرة، الى ترك خلفه بصمة سياسية ما، تذكر الجمهور الإسرائيلي به، ويدل على ذلك تواصل مساعيه «التسووية» مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في الوقت الذي تجري فيه الانتخابات على خلافته داخل «كديما». بل انه اتفق مع أبو مازن على ان يجريا لقاءً آخر بعد أسبوعين. وبحسب التعليقات الإسرائيلية الأخيرة، يسعى اولمرت الى إفهام ابو مازن، لا الإسرائيليين، بأن لديهما ما يكفي من الوقت كي يصلا الى اتفاق مبادئ، و«عدم إلقاء كل ما تحقق حتى الآن في سلة المهملات»، ولهذا يشيع مقرّبوه أنه لن يستقيل بسرعة، ويمكن للاستقالة أن تنتظر إلى ما بعد رأس السنة العبرية، أي الى ما بعد الثاني من تشرين الأول المقبل.
وتتيح الجداول الزمنية الاسرائيلية للأيام المقبلة، فرصة وذريعة لأولمرت كي يؤجل استقالته. فبحسب القانون الإسرائيلي، عليه أن يبلغ استقالته أولاً الى الحكومة الاسرائيلية في جلستها المقبلة، أي يوم الأحد المقبل، وكما يشير مقربوه، لا ينوي أن يعقد جلسة خاصة لهذه الغاية. إضافة الى ذلك، من المقرر أن يتوجه الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز الى نيويورك، لحضور جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الاثنين المقبل، على أن يعود منها يوم الأحد من الأسبوع الذي يليه. ما يعني أن استقالة اولمرت ستؤجل الى ما بعد رأس السنة العبرية، بداية شهر تشرين الأول.
خطط أولمرت كانت أن يحل مكان الرئيس الإسرائيلي وأن يتوجه هو إلى الولايات المتحدة بدلاً منه، كي يعرض بنفسه اتفاق مبادئ مع الفلسطينيين، مع أبو مازن والرئيس الأميركي جورج بوش من على منصة الأمم المتحدة، لكن بحسب الأنباء الإسرائيلية، لم يقو أبو مازن على توقيع اتفاق كهذا، فأحبط مسعى أولمرت، وجرى إرسال بيريز بدلاً منه.