شُغلت الصحف العبرية أمس في تحليل ما قد تقدم عليه الرئيسة الجديدة لحزب «كديما» ومدى إمكان تطابق رؤيتها وهي في مقعد وزيرة الخارجية، مع ما هو ممكن تحقيقه وهي قريبة من احتلال مقعد رئاسة الحكومة
يحيى دبوق
حذرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، من عدم الوقوع في خطأ التقدير، في أعقاب فوز وزيرة الخارجية تسيبي ليفني برئاسة حزب «كديما»، مشيرة إلى أن «الفوز لا يضمن لليفني رئاسة الحكومة، وهي ستواجه فترة مقبلة غير سهلة، وسيتعين عليها الاختيار بين احتمالين: إما استغلال الفوز والتوجه لانتخابات عامة، وإما استغلال الفرصة وتأليف حكومة بديلة».
وبحسب الصحيفة، ستواجه ليفني صعوبات وعراقيل في طريقها المقبل، إذ «أمامها تفاوض صعب سيتطلب منها دهاءً وقدرة على السيطرة، لم تكن في يوم من الأيام بحاجة إليهما»، مشيرة إلى أن «ذلك لا يعني أن فرصة تأليفها للحكومة معدومة»، وخصوصاً أن كل الأطراف الأخرى، الممكن أن تأتلف معهم، «لا مصلحة لهم في إجراء انتخابات مبكرة للكنيست».
ورأى الكاتب في الصحيفة، ناحوم برنيع، أن «الانتخابات التمهيدية غيرت حزب إيهود أولمرت إلى حزب ليفني، لكن هل هي قادرة بالفعل على إدارة حزب بلا ميراث، وبلا مؤسسات، ومعرض لمطامح ساسة إعجابهم بذواتهم لا يقل عن إعجابها (هي بذاتها). لذا فإن المعركة الحقيقية تبدأ الآن، في طريق لم تألفه ليفني» سابقاً.
وكتبت سيما كدمون في الصحيفة نفسها أن «مشكلة ليفني في تأليف حكومة بديلة ليست حزب شاس الذي يطالب بزيادة المخصصات المالية لمصلحته، لأن هذا الحزب قد يتراجع عن مطلبه عندما يرى ليفني تؤلف حكومة من دونه، وهو لا يريد البقاء خارجها، وخصوصاً أنه لا يريد التوجه لانتخابات مبكرة»، مشيرة إلى أن «مشكلة ليفني هي في حزب العمل. فليس واضحاً ما الذي يريده رئيسه (وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود) باراك، الذي طالب قبل الانتخابات بتأليف حكومة طوارئ قومية أو التوجه إلى الانتخابات، رغم أنه لا يريد انتخابات مبكرة وكان المبادر لإجراء الانتخابات الداخلية في كديما».
من جهتها، رأت صحيفة «هآرتس» أن «ليفني تدرك مدى أهمية تولي رئاسة الحكومة حتى نهاية عام 2010، وتعلم أن عليها أن تنافس لاحقاً رئيسي حكومتين سابقين، هما باراك، (ورئيس حزب الليكود بنيامين) نتنياهو، لكن هل تعمد فعلاً إلى السير بسياستها النظيفة والمختلفة التي تتفاخر بها، ولا ترضخ لمطالب الأحزاب، أم أن كرسي رئاسة الحكومة يغريها ويسبب بأن تسير في طريق من سبقها، الذين رضخوا لابتزاز الأحزاب» من أجل تأليف الحكومة.
وتناولت الصحيفة ما يمكن أن تحققه ليفني على صعيد التسوية، ورأت أنها ستعمل على تحقيقها مع الفلسطينيين إذا ألفت الحكومة الإسرائيلية المقبلة. إلا أن الكاتب جدعون ليفي أشار إلى أن «ليفني لن تتمكن من تحقيق شيء في المفاوضات مع الفلسطينيين، فالقلب يتوق لأن يغريه السير أسيراً خلف الكليشيهات والوعود التي أطلقتها، لكن الزعامة هي من نوع آخر. العقل يقول إن أمراً لم يحصل، ولن يحصل، والقلب يتوق إلى التصديق أنه قامت زعيمة جديدة في فجر يوم جديد، لكن لا فجر ولا يوم جديدين»، لكنه شكر ناخبي «كديما» «الذين أزاحوا خطراً كبيراً عن رأسنا، أي خطر (وزير النقل شاؤول) موفاز، وأعطونا أملاً جديداً، لكن الآمال تتبدد دفعة واحدة».
وأثار ليفي تاريخ عائلة ليفني اليمينية المتطرفة، وقال: «ثمة شك كبير حيال ما إذا كانت ابنة هذه العائلة المقاتلة، تسيبي إيتان ليفني، التي رضعت حليب أرض إسرائيل الكبرى في صباها، قادرة على تحقيق ما نحن بحاجة إليه، وهو قفزة كبيرة جداً عن الهاوية، فلماذا علينا أن نصدق أن رئيسة الحكومة ليفني، ستكون أجرأ من ليفني وزيرة الخارجية والعدل واستيعاب الهجرة؟ لماذا نفكر بأنها ستقدم على فعل ما لم تجرؤ على فعله حتى الآن؟ لكن من جهة أخرى لا أحد توقع الأعمال العظيمة لـ(رئيس جنوب أفريقيا الأسبق) فردريك دي كلارك، أو من (الرئيس السوفياتي الأسبق) ميخائيل غورباتشوف، وانظروا إلى أين أخذا شعبيهما».
أما محلل الشؤون الحزبية في صحيفة «هآرتس»، يوسي فيرتر، فأشار إلى أن «كل الاختبارات التي اجتازتها تسيبي لفني في سنواتها التسع الماضية في السياسة، تتقزم في مقابل ما ينتظرها ابتداءً من اليوم، وهذا قبل الوصول إلى الاختبار الأكثر دراماتيكية: رئاسة الوزراء». وأضاف أنه «سيتعين على ليفني توحيد حزب ممزق، والعمل على تقريب خصم سياسي حظي بنحو 40 في المئة من الأصوات، إضافة إلى الشروع في مفاوضات ائتلافية، والدخول في صراع قوى منهك، يومي، حيال سلفها في رئاسة كديما، رئيس الوزراء إيهود أولمرت الذي حسب روائع السياسة الإسرائيلية، حتى بعد أن يذهب فإنه سيبقى. وفي الخلفية، التوقعات العالية منها، التوقعات من العصفورة (ليفني)، مشكوك فيها أن تكون قادرة، لكننا لا نعرفها جيداً وليس لنا سوى أن ننتظر، وأن نتابع وأن نرى».
وبحسب الكاتب «جرى انتخاب ليفني لسببين مركزيين: ما أظهرته استطلاعات الرأي من أنها قادرة على جلب مقاعد أكثر لحزب كديما، ما يمكن أن يجلبه أي مرشح آخر نافسها، إضافة إلى سبب آخر لا يقل أهمية عنه، هو الصورة النظيفة التي تملكها لدى الجمهور الإسرائيلي ولدى إعضاء كديما منذ عهد (رئيس الحكومة الأسبق) أرييل شارون»، مشيراً إلى أنه «بقدر كبير جداً، هي مُنتَج لهذه الصورة، لكنها تبقى أحجية لدى كثير من الناس، فالقليل منهم يعرفونها، وهناك من يرى فيها وعداً كبيراً، وهناك من يرى فيها خطراً كبيراً، لكنها تبقى أساساً، علامة استفهام».