واصلت الصحف العبرية محاولات تحليل اليوم الذي يلي فوز وزيرة الخارجية تسيبي ليفني برئاسة حزب «كديما»، وأجمعت على أن التحدي الماثل أمامها كرئيسة لوزراء إسرائيل، هو تحدّ غير سهل، وتكتنفه جملة من العراقيل، ليس أقلها التحدي النووي الإيراني
مهدي السيّد
رأى الكاتب آريه شبيط في صحيفة «هآرتس» أمس أنه «رغم أن ليفني مثقفة وحذرة، فإنّها حتّى الآن لم تقدم على أي فعل سياسي وقيادي حقيقي، رغم أنها خدمت الأمة (الإسرائيلية) في أنها حلّت محل (رئيس الحكومة ايهود) أولمرت ومنعت (وزير النقل شاؤول) موفاز من الوصول إلى رئاسة الحكومة».
ورأى شبيط أن على ليفني أن تعمل على مواجهة التحدي الإيراني، وأن «تقرأ الخريطة جيداً، واستغلال صورتها الحسنة في الساحة الدولية كي تقود المجتمع الدولي إلى فعل نشط ضد النووي الإيراني»، مشيراً إلى أن أفضل أسلوب للمواجهة هو في «العقوبات على إيران والمفاوضات مع سوريا، وهي استراتيجية يجب عرضها على الرئيس الأميركي المنتخب في تشرين الثاني المقبل، وإذا ما راوحت ليفني مكانها في الموضوع الإيراني، فلا فائدة ترتجى منها».
وحذّر الكاتب من أن ليفني غير قادرة على مواجهة التهديدات المرتقبة، من دون «حكومة قوية ونوعية»، مشدداً على «وجوب عدم تأليف حكومة استمرار لحكومة اولمرت. فإذا كانت ترغب في أن تنمو لكي تصبح زعيمة وطنية حقيقية، فإن عليها أن تعترف بأنه ليس فقط أولمرت وحده من فشل بل حكومته فشلت أيضاً. عليها أن تعترف بأن المبنى الحالي والتركيبة الحالية للحكومة غير مقبولين. وعليها أن تستغل الثقة التي أعطاها إياها الجمهور الإسرائيلي كي تؤلّف حكومة من نوع جديد. حكومة تغير الصورة من أساسها».
وحذّر عوفر شيلح في صحيفة «معاريف» ليفني من أن «الطريق أمامها ليس سهلاً، رغم أنها أثبتت أن لديها القدرة على التغيير وإحراز النصر»، مضيفاً إن «رئيسة وزراء إسرائيل المقبلة، ليست ذاهبة في نزهة، إذ إن القضية النووية الإيرانية تستوجب الحسم في فترة ولايتها، إضافة إلى الأزمة المالية العالمية الموجودة كي تبقى».
وشدّد الكاتب على الدور الأساسي الذي سيؤدّيه مستشارو ليفني في المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أنها «ستظهر في هذا المنصب مع ذخيرة قليلة جداً، (وبالتالي) فإن الأجهزة القائمة، من عسكريين ومسؤولين في وزارة المال، هي التي ستبلور لها وجهة نظرها، وستوصيها بطرق العمل، وهي أجهزة بطبيعتها تنظر إلى العالم عبر فوّهة ضيقة».
وأضاف شيلح إن «أمام ليفني تحدٍّ مزدوج: تكوين ائتلاف (حكومي) والاستعداد للعمل في حالة نجاح ذلك. إلا أن انتصارها بفارق ضئيل في الأصوات، أضعف الافتراض بأنها قادرة على التسبب بفوز كاديما (في الانتخابات المقبلة)»، مشيراً إلى أن «الضغط الذي يقوم به (رئيس الليكود بنيامين) نتنياهو على حزب شاس، والمرارة التي يشعر بها موفاز، تعد ليفني بحياة صعبة في طريقها نحو مقر الرئاسة الإسرائيلية».
لكن الكاتب عاد واعترف لليفني بإمكان التغيّر بعد الانتخابات، مشيراً الى أن «هناك أمراً واضحاً، فليفني التي ستصبح رئيسة للوزراء بعد فترة، ستخرج من هذه الانتخابات شخصاً آخر. لقد كانت أميرة الثلج حتى ما قبل شهر، أي إنسانة لا توسخ أصابعها، وتدعو رئيس الوزراء إلى الاستقالة وهي تتقدم خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الوراء، أما من فازت في الانتخابات التمهيدية فهي امرأة لا تتردّد في الظهور وتقوم بفرض جدول أعمالها في الانتخابات، وقد ظهرت كسياسي ذي عزيمة في الميدان. إذن فقد تحولت تسيبي ليفني إلى عصفورة مقاتلة في هذه المعركة الانتخابية، واجتازت الامتحان الأول على طريقة رئيس الوزراء».
ورأت صحيفة «هآرتس»، في افتتاحيتها، أن «الخطوط الأساسية للحكومة الإسرائيلية لن تتغير كثيراً، لأن ليفني تحل محل أولمرت، لأنه مضطر إلى الاستقالة بسبب الفساد، لا بسبب فقدان ثقة الكنيست». وأشارت إلى أن «الطريقة التي ستحاول بها ليفني تأليف الحكومة، سيكون اختبارها الأول في الزعامة»، مشددة على أن «نظافة الكف لا تعني فقط الامتناع عن تلقي مغلفات المال، بل هي النظافة السياسية التي توجب وضع اعتبارات رسمية لخطواتها، وإذا أرادت أن تقود لا أن تقاد، فعليها أن تبني حكومة تعكس جدول أعمالها هي».
وقالت الصحيفة إن «الادعاء بأن لدى ليفني تفويضاً قانونياً لكن من دون شرعية أخلاقية، يمثّل طابعاً مميزاً للخطاب السياسي في إسرائيل منذ اتفاقات أوسلو، فكل من يحاول الوصول إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، يحظى بمعاملة مشابهة».