يخوض وزير الاقتصاد محمد الصفدي، التجربة الرقم 1 في عالم الطحين، وذلك بعدما ورث عن خلفه تضخيم حجم الطحين المدعوم لإرضاء المحظيين
رشا ابو زكي
المعطيات الاقتصادية اختلفت جذرياً بين أمس وزير الاقتصاد، سامي حداد، وحاضر الوزير محمد الصفدي، فأسعار المحروقات في تراجع دائم، وسعر طن القمح العالمي انخفض من 540 دولاراً منذ شهرين إلى 310 دولارات حالياً، ويتجه إلى المزيد من التراجع في الأشهر المقبلة، وقد انسحب انخفاض الأسعار على معظم المواد الأولية التي تدخل في صناعة ربطة الخبز... وتؤكد المصادر أن الصفدي يتجه في نهاية الشهر الحالي إلى إعلان خفض حجم الطحين المدعوم إلى 15 ألف طن مع إعادة العمل بآلية توزيع الطحين على الأفران عبر بونات تحدد حاجة كل فرن للطحين لزوم الخبز العربي، إضافة إلى إعلان وقف الدعم عن هذه المادة نهائياً خلال الشهرين المقبلين، فيما تشير مصادر أخرى إلى أن توجه الصفدي يقع ضمن خيارين: إما إعادة العمل بآلية البونات، وإما رفع الدعم عن الطحين من دون المس بحجم الطحين المدعوم.
إلا أن السير بقرار إعادة توزيع البونات على الأفران لن يكون سوى تكرار لتجربة سابقة فاشلة انتهت بتفريخ عدد كبير من الأفران التي تطمح إلى الحصول على دعم الطحين، إذ إن كمية الطحين المدعوم وصلت إلى 17800 طن، أي بفائض 5800 طن عن حاجة السوق اللبنانية. كذلك يؤكد رئيس اتحاد نقابات الأفران كاظم إبراهيم «وجود طلبات جديدة بـ3000 طن مقدمة من عدد من الأفران للوزير الصفدي، وفي حال موافقة الأخير على هذه الطلبات سيتخطى حجم الطحين المدعوم الـ 84 ألف طن سنوياً»، ما يعني تضخيم الهدر والسرقة من خزينة الشعب لمصلحة عدد من الأفران والمطاحن والمستفيدين، في حين أن رفع الدعم عن الطحين يمكن أن يكون إيجابياً لمصلحة الخزينة والمواطن في آن من دون أن يلحق الضرر بقطاع الأفران إذا أُحسن إمراره، إذ من المفترض أن يتخطى الصفدي مراهنته على أن سعر ربطة الخبز سيرتفع إلى 1750 ليرة مرحلياً بعد إلغاء الدعم ليعود إلى مستوى 1500 ليرة بفعل المنافسة، إذ إن هذا الخيار يتطلب القيام بدراسة تتناول كلفة صناعة ربطة الخبز بعد تراجع أكلاف الإنتاج، وبالتالي يمكن محاصرة الأفران التي تدعي تراجع أرباحها، وإلزامها بالسعر الرسمي المحدد بـ 1500 ليرة عبر تبيان حجم أرباحها، وخصوصاً بعد تضافر العوامل الاقتصادية العالمية المتجهة نحو انخفاض أسعار المواد الأولية الداخلة في صناعة ربطة الخبز. وهذا ما يفضله رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن الذي يرى أن الطحين المدعوم أصبح مادة انتخابية وسياسية، داعياً إلى إبقاء الدعم إلى حين إنجاز دراسة عن كلفة صناعة ربطة الخبز، لاتخاذ القرار المناسب في آلية رفع الدعم وتحديد سعر الخبز، إضافة إلى إلغاء الـ TVA عن المواد الأولية التي تدخل في صناعة ربطة الخبز وفرض إعفاءات ضريبية على استيراد هذه المواد.
ومن الواضح أن انقسام أصحاب الأفران في ما يتعلق بإلغاء الدعم ينعكس تردداً في مواقف الصفدي، وخصوصاً مع افتعال الأفران حوادث أدت إلى خلخلة الوضع الأمني في عدد من المناطق. إذ يقول إبراهيم إن السير بإلغاء الدعم يحتم رفع سعر ربطة الخبز إلى 1750 ليرة، في حين أنه لا يضمن انخفاض السعر مجدداً إلى 1500 ليرة بفعل المنافسة، بحسب ما يعتقده الصفدي، ويدعو إبراهيم إلى العودة إلى آلية البونات وخفض حجم الطحين المدعوم ليصبح متوافقاً مع حاجة السوق من الخبز العربي.
ويقول رئيس نقابة أصحاب الأفران المستقلة رياض السيد أن النقابة اجتمعت مع الوزير الصفدي، وأعلنت رفضها خفض كمية الطحين المدعوم، ورفض العودة إلى آلية توزيع البونات على الأفران. ويلفت السيد إلى أنه طالب الصفدي بالمباشرة الفورية بإلغاء الدعم عن الطحين، مع توقعه عودة سعر ربطة الخبز إلى 1500 ليرة بعد فترة بفعل المنافسة.


12 ألف طن

هو حجم الحاجة الفعلية لصناعة الخبز العربي في حين أن الحكومة تدعم 17800 طن!