باتت تسيبي ليفني اعتباراً من أمس «رئيسة الحكومة الإسرائيلية المكلّفة». إلا أن طريقها إلى أن تكون رئيسة حكومة أصيلة لا يزال شائكاً في ظل الاتجاهات السياسيّة المتعدّدة للأحزاب الإسرائيلية
علي حيدر
أعلن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، أمس، تكليف رئيسة حزب «كديما» المنتخبة تسيبي ليفني تأليف الحكومة البديلة، وذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك، بعد مشاورات أجراها مع جميع مندوبي الكتل البرلمانية على مدى اليومين الماضيين.
وقال بيريز، خلال اللقاء مع ليفني، «وفقاً للقانون الذي يمنحني حق اختيار عضو كنيست لتأليف الحكومة، جلست مع كل الكتل وكانت مهمتي سهلة نسبياً، لأنه من بين أعضاء الكنيست أنت الوحيدة التي أوصي بها».
وشكرت ليفني بيريز على المهمة وقالت إنها تقبلها. وأوضحت «أنا أقدّر النشاط واللقاءات التي عقدتها مع الكتل البرلمانية. وأقبل المهمة الملقاة عليّ». وأضافت «لقد مرَّت إسرائيل في الآونة الأخيرة بهزّات أنتجت قلة في الاستقرار والوضوح السياسي»، داعية رئيس حزب «الليكود» بنيامين نتنياهو إلى الانضمام لحكومة «وحدة وطنية» برئاستها في أعقاب «التحديات» التي تواجه إسرائيل.
وتابعت ليفني «منذ وقت طويل، تتحرك المنظومة (السياسية) من دون قرار بين إرادة التغيير في الطريق نحو الانتخابات العامة، والتغيير بواسطة استبدال رئيس الحكومة ضمن عملية ديموقراطية. لكن الحسم جاء. وقبل بضعة شهور، أقرّ الكنيست مبادرة حزب العمل، الشريك الائتلافي الأكبر في الحكومة، بعدم التوجه إلى انتخابات عامة، بل اتخاذ خطوات متفق عليها مبدئياً لاستبدال رئيس الوزراء بواسطة انتخاب رئيس جديد لكديما». واختتمت «لقد تمّت هذه الخطوة قبل أيام، وقد انتخبت رئيسة للحزب ومرشحته لرئاسة الحكومة».
وكان بيريز قد شرع في سلسلة مشاورات مع ممثّلي الكتل البرلمانية لاختيار مرشح لتأليف الحكومة. وتبيّن من اللقاءات أن ممثّلي حزب «كديما» أوصوا بتكليف ليفني، فيما أوصى ممثّلو حزب «العمل» بإسناد المهمة إلى رئيس حزبهم إيهود باراك. أما ممثّلو الليكود، فقد أوصوا ببنيامين نتنياهو، وامتنع ممثّلو «شاس» عن تقديم توصية باسم أي مرشح.
وأول من التقاهم بيريز، أمس، كان كتلة «إسرائيل بيتنا»، التي اختارت عدم توصية الرئيس بتكليف أيّ من المرشحين لتأليف الحكومة. وقال رئيس الكتلة، روبرت اليتوف، «قررنا أن الصحيح هو الذهاب إلى انتخابات مبكرة». الموقف نفسه عبّر عنه رئيس كتلة «الاتحاد القومي ـــــ المفدال»، آفي إيتام.
في المقابل، أوصت كتلتا «ميرتس» والمتقاعدين بتكليف ليفني مهمة تأليف الحكومة. وشدد ممثّلا «ميرتس»، رئيس الحزب حاييم أورون وعضو الكنيست زهافا غلؤون، عند خروجهما من اللقاء، على أن توصية الكتلة لا تُعدّ التزاماً بالانضمام إلى الحكومة التي ستؤلّف. وقال أورون إنه «بين خياري إجراء انتخابات عامة أو تأليف حكومة بديلة، نحن نعتقد أنه يتعيّن استنفاد خيار بناء الائتلاف». وأكد «لن نجلس في ائتلاف هدفه كسب الوقت فقط، وسنطالب ببحث عملية السلام مع سوريا والفلسطينيين، والتعامل مع الأزمة الاقتصادية التي يمكن أن تكون خطيرة، وفق وجهة نظرنا، وإدخال تغيير جوهري على سياسة الحكومة السابقة بشأن قضيتي جهاز فرض القانون ومحاولات تقويض الجهاز القضائي».
بدوره، أعلن عضو الكنيست، طلب الصانع، أن كتلة «راعم ـــــ تاعل»، التي تضم الحركة الإسلامية بزعامة عضو الكنيست إبراهيم صرصور، والحركة العربية للتغيير برئاسة أحمد الطيبي، والحزب الديموقراطي العربي برئاسة الصانع، لا تستبعد التعاون والتحادث مع حكومة ليفني. ومع ذلك، لم تسمِّ الكتلة أيّاً من المرشحين المفضّلين بالنسبة إليها لتأليف الحكومة، إذ قال الصانع «نحن لسنا مع ليفني ولسنا ضدها».
ووجّه رئيس حزب «شاس»، إيلي يشاي، رسالة إيجابية باتجاه ليفني، عندما أكد في لقاء مع إيهود باراك أن حزبه «لا يفضّل خيار الانتخابات العامة، ويفضّل استقرار السلطة». وشدد على أن ما يعنيه في الوقت الراهن هو «إصلاح مواطن العيوب القائمة».
بدوره، جدد باراك دعوته إلى تأليف حكومة طوارئ وطنية «في ضوء التحديات التي تواجهها الدولة في كل المجالات». ولفت إلى أن «كديما في سباق مع العمل». كما أبلغ ليفني، خلال لقاء جمعهما أمس، أنه لن يوافق على المشاركة في حكومة برئاستها تستمر ولايتها لبضعة شهور فقط، وطلب منها التعهد بتأليف حكومة مستقرة تدوم حتى نهاية دورة الكنيست، أي شهر تشرين الثاني من عام 2010.
وفي إشارة إلى قبوله الائتلاف مع ليفني، قال باراك، خلال مشاركته في مؤتمر نسائي، إنه «ربما ستتولى امرأة رئاسة الوزراء قريباً».
وأفادت صحيفة «هآرتس» بأن ليفني وعدت باراك بـ«شراكة حقيقية» في الحكومة المقبلة. كما نقلت الصحيفة عنها قولها إن الإنجازات التي ستحققها الحكومة، إذا تألّفت، ستسجّل باسمها واسم باراك.


مقتطفات من افتتاحية «هآرتس»

ثمة شك في أن تكون هناك حكومة أسوأ من حكومة إيهود أولمرت. فميزانها قريب جداً من الصفر. أولمرت احتل مكان شارون عندما مرض. وكخليفته في رئاسة «كديما»، قاد أولمرت الحزب نحو إنجاز متواضع كان كافياً لتأليف حكومة. وفي تركيبة المناصب العليا، عمل أولمرت بغرابة ـــــ حقيبة المال لإبراهام هيرشيزون، الذي اشتبه فيه بالفساد واستقال؛ حقيبة الدفاع لعامير بيرتس، الذي فشل في منصبه وفي إدارة الحرب في لبنان؛ حقيبة العدل لحاييم رامون، الذي أدين بأفعال مشينة بحق مجنّدة، فأُقيل من منصبه ولكن رفعت مرتبته إلى منصب النائب الأول لرئيس الوزراء.
كبرى خيبات الأمل ترتبط بالمجال السياسي والأمني عندما قرر أولمرت الخروج بتهوّر إلى حملة واسعة النطاق في لبنان. تقرير فينوغراد، بقسميه، أوضح عمق الفشل سواء في عملية اتخاذ القرارات أو في مدى جاهزية الجيش الإسرائيلي والجبهة الداخلية. ورغم كل هذا، تمسّك أولمرت بكرسيه ورفض الاعتراف بمسؤوليته.
في الساحة الفلسطينية، كانت اتصالاته مع محمود عباس مترددة وعقيمة. ورغم تصريحاته بشأن التقدم نحو «اتفاق رف»، تبيّن هنا أيضاً أن الحديث يدور عن كلمات فارغة لا أكثر. في غزة، اضطر أولمرت إلى أن يوافق على اتفاق تهدئة مع «حماس» في ظروف موضع خلاف. وفي القناة السورية، وجد أولمرت صعوبة في رفع المحادثات إلى مستوى المفاوضات. وهو ينهي ولايته من دون أن تكون إسرائيل قريبة من السلام في أي جبهة.