إذا كانت مصر تعمل استخبارياً للإفراج عن السيّاح ومرافقيهم الـ19 المختطفين على شاكلة التصريحات التي يطلقها وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، فالأمر لا يطمئن فعلاً، مع بقاء الأمل معقوداً على الاستخبارات الألمانية التي دخلت خطّ المفاوضات
القاهرة ــ خالد محمود رمضان
وزير يؤكد وحكومته تنفي. معلومات متضاربة، لا أحد يملك أدنى فكرة عن حقيقة ما يجري. تلك ببساطة خلاصة المشهد العبثي الذي يعيشه المصريون منذ يومين وهم يتابعون باندهاش تكذيب حكومتهم الرسمي لإعلان أحمد أبو الغيط الإفراج عن السيّاح الـ19 المختطفين منذ يومين على الحدود المصرية ـــــ السودانية.
فبعد دقائق من إعلان أبو الغيط، ليل أول من أمس، من نيويورك، عن «الإفراج عن جميع المختطفين سالمين آمنين»، نفى المتحدث باسم الحكومة المصرية، مجدي راضي، صحّة معلومات رئيس الدبلوماسية المصرية.
ويجمع المصريون على أنّ تلك الأزمة كشفت من بين أشياء أخرى عن أن حكومة أحمد نظيف تفتقد التعايش في ما بين أعضائها، وأنها باتت بمثابة جزر منعزلة لا رابط ولا تنسيق في ما بينها.
وتنبع خطورة تصريحات أبو الغيط من أنّها أتت في حضور نظيرته الأميركية كوندوليزا رايس، وبوجود الإعلام الأميركي «السليط اللسان» الذي لم يتوانَ عن نعت أبو الغيط بـ«الكذّاب»، بعدما اتضح عدم صحة ما قاله.
إذاً، عاد ملف المختطفين إلى نقطة الصفر، لا بل قد يكون عاد إلى نقطة ما تحت الصفر، مع تهديد العصابة الخاطفة بقتل الرهائن إذا حاولت السلطات السودانيّة تحريرهم عبر الطائرات، وإذا لم يُستجب لطلباتهم التي تتلخّص بدفع فدية ما بين 6 و15 مليون دولار في مقابل حريتهم.
وأعلنت كلّ من مصر والسودان، أمس، عن أنهما تنسّقان جهودهما للإفراج عن الرهائن، بعدما حُدّد موقعهم في منطقة جبل العوينات الصحراوية الحدودية بين مصر والسودان وليبيا.
لكن وزارة الخارجية السودانية لمّحت إلى أنه ليس هناك اتجاه للتدخل العسكري لإطلاق سراحهم «حرصاً على حياتهم».
وقال وكيل وزارة الخارجية السودانية مطرف صديق، من الخرطوم، «حددنا موقعهم، وهناك تنسيق بين السودان والسلطات المصرية بهذا الشأن، وهم الآن في جبل عوينات على الحدود بين مصر وليبيا والسودان».
وتابع الدبلوماسي السوداني «من وجهة نظرنا، يُعدّ أمن الرهائن الأولوية الأولى، ولا نريد القيام بعملية تضرّ بهم».
وعلى صعيد المبادرات الاستخبارية، أشار مصدر أمني مصري إلى أنّ الاستخبارات الألمانيّة هي من تقود المفاوضات مع الخاطفين. إلّا أنّ وزير السياحة المصري، زهير جرانة، نفى أن تكون حكومته قد أجرت أي اتصالات مع الخاطفين، مؤكداً «عدم وجود أي معلومات حتى الآن عن هوية الخاطفين أو لأي جماعة ينتمون». في المقابل، أكّد جرانة أنه تلقّى صباح أمس معلومات موثوقة عن أن الرهائن «في صحة جيدة ولديهم ما يكفي من الأغذية والمياه، ولم يعاملوا معاملة سيّئة».
وكان مصدر أمني مصري قد كشف عن أنّ القاهرة أرسلت فريقاً من جهاز استخباراتها إلى السودان لمتابعة الجهود والمفاوضات الهادفة إلى تحرير السيّاح الرهائن ومساعديهم المصريين.
في هذا الوقت، أوضح مصدر أمني مصري آخر أن خاطفي السياح هدّدوا بقتلهم إذا جرت محاولة للعثور عليهم بالطائرات. وقال المسؤول الأمني، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إنّ صاحب الشركة السياحية المختطف بين الرهائن اتصل بزوجته هاتفياً ونقل إليها نبأ تهديد العصابة.