القاهرة ــ الأخبارعاد ملف المساعدات الأميركية الاقتصادية التي تقدمها واشنطن سنوياً إلى الحكومة المصرية، والتي تحمل تسمية «المعونة»، ليحتلّ واجهة الأحداث، بعدما كشفت تقارير صحافية أميركية عن أن عدداً من أعضاء مجلس النواب الأميركي أعدوا مشروع قانون بحذف مبلغ 100 مليون دولار من المعونة العسكرية لمصر في موازنة عام 2009، ما لم تقدم على إصلاحات ديموقراطية، تتضمن دعم حقوق الإنسان وحرية الصحافة والقضاء، ومنع تهريب الأسلحة إلى غزة.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مساعدين للعضو في مجلس النواب عن نيويورك، الديموقراطية نيتا لوي، أن «مشروع القانون المتعلق بالمخصصات المالية للعمليات الخارجية، سيحمل صيغة المشروع السابق ذاتها، في ما يتعلق بحجب مبلغ 100 مليون دولار من المساعدات».
وقال مسؤول مصري ذو علاقة بالملف، رفض الكشف عن اسمه، لـ«الأخبار»، إن «الإدارة الأميركية لم تخطر مصر رسمياً بعزمها على إجراء أي خفض على قيمة المساعدات التي تقدر بأقل من ملياري دولار أميركي».
هذه القرارات الأميركية دفعت مدير مركز ابن خلدون، سعد الدين إبراهيم، وناشطون أقباط إلى برمجة حملة مضادة داخل الإدارة الأميركية للضغط على القاهرة باستخدام سلاح المعونات.
ويأتي الإعلان عن احتمال خفض المعونات، منافياً لتأكيد السفيرة الأميركية في القاهرة، مارغريت سكوبي، أن «المعونة العسكرية لمصر مستمرة عند مستواها الحالي، وهو 1.3 مليار دولار»، لكنها استدركت قائلة إنه «لا أحد يستطيع أن يقدم وعوداً بشأن حجم المعونات المدنية أو العسكرية لمصر في أي عام مقبل، لأن قرار الزيادة أو الخفض هو في يد الكونغرس».
وكان مركز «واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» قد رأى في تقرير له الأسبوع الماضي، أن «عدم احترام النظام المصري حقوق الإنسان، سيجعل من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، على الرئيس الأميركي المقبل أياً كان، أن يستمر في تقديم المساعدات الاقتصادية لمصر، ولا سيما في ظل رغبة أعضاء الكونغرس في إرسال رسالة قوية للقاهرة في هذا الشأن».
وأشار المركز في تقرير أعده الباحث سكوت كاربنتر، إلى «الحكم بالسجن لمدة عامين، الذي صدر ضد الناشط المصري سعد الدين إبراهيم بتهمة الإساءة لسمعة مصر»، مشيراً إلى أن « إبراهيم أُطلق قبل ذلك بعد إدانته بتهم مماثلة نتيجة لربط الولايات المتحدة تقديم المعونة بإطلاق سراحه».
وأكد التقرير أنه سيكون على «الإدارة الأميركية أن تبذل جهوداً مكثفة من أجل الاستمرار في تقديم المساعدات العسكرية المشروطة إلى القاهرة»، مشيراً إلى أن «وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أكدت أن من يثيرون طلبات خفض أو إلغاء المعونة لمصر يحرجون الإدارة الأميركية، وشريكها الاستراتيجي».
وأشار التقرير كذلك إلى أن «مصر تعتبر المعونة الأميركية بمثابة مسألة رمزية مرتبطة باتفاقية كامب ديفيد لإرساء السلام بين مصر وإسرائيل. ولكن مع تقليص المساعدات وزيادة الشروط المرتبطة بها، فإن جاذبية المساعدات تقلصت بالنسبة إلى القاهرة، حتى إن البعض بدأوا ينصحون بالتخلص من المعونة الاقتصادية في إطار علاقات أكثر نعومة بين الطرفين».
ورأى التقرير أن «بوسع القاهرة أن توقف كل تلك التطورات السلبية إذا ما ظهرت قيادة مصرية قادرة على تقديم رؤية واضحة لمسيرة البلاد، تمكن واشنطن من فهمها وتأييدها، وهو ما يجعل خفض المعونات العسكرية الخطوة الوحيدة لإظهار حالة عدم الرضا الأميركية». وأضاف أنه رغم أن «المفاوضات بين الجانبين المصري والأميركي حول المعونات تخلق مرارة بين الجانبين، إلاّ أنهما حريصان على استمرارها».