حيفا ــ فراس خطيبترصد محاولة الاغتيال، التي تعرّض لها المؤرخ الإسرائيلي زئيف شتيرنهل بسبب مواقفه اليسارية، حالاً إسرائيلية واقعيّة تبيّن اتساع رقعة اليمين المتطرف المعادي للفلسطينيين، ووصول عدائه هذا إلى المعارضين له في المجتمع الإسرائيلي.
لقد انقلب السحر على الساحر، بعدما روَّج قادة الدولة العبرية مقولة «أرض إسرائيل الكاملة»: مستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء. وأسكنت هناك «زبدة اليمينيين»، الذين آمنوا بأنَّ شاطئ غزة لهم، وأن الفلسطينيين العالقين في «غيتوات» هم أجسام يجب محاربتها. ونال المستوطنون الحماية والصيانة والموازنات اللامتناهية. ومنهم من يصرّح على الملأ (من دون أن يحاسب) بأنَّه «لا قانون هنا، نحن في حرب». لكن رقعة «اللاقانون» اتسعت، ووصلت إلى عتبة بيت شتيرنهل لمجرّد أنه مناهض للاحتلال والاستيطان ويعبّر عن موقفه هذا بواسطة مقالات مكتوبة.
شتيرنهل، الذي خرج أمس من المستشفى، يدرك هذه الحقيقة جيداً حتى قبل أن يتعرض لمحاولة الاغتيال. ووصف الحدث بأنه «بداية لنهاية الديموقراطية الإسرائيلية».
وقال شتيرنهل: «إذا كان مسموحاً للمستوطنين الاعتداء على الفلسطينيين واقتلاع أشجارهم وهدم بيوتهم، فلماذا لا تحدث مثل هذه الاعتداءات داخل الخط الأخضر أيضاً؟»، مضيفاً أن «الاعتداء عليه هو نتيجة لعدم مبالاة المجتمع الإسرائيلي لأعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون».
وثمة تقديرات تفيد بأن تنظيماً يطلق على نفسه اسم «جيش التحرير الرسمي»، هو من أقدم على هذا الفعل، بينما يحذّر المسؤولون من أن هذا التنظيم قد يحاول اغتيال شخصيات يسارية أخرى، مستقبلاً.
الإعلام الإسرائيلي الذي تعاطى مع مثل هذه الجماعات بهدوء عندما حوَّلت حياة الفلسطينيين إلى مرتع للممارسات القمعية، وجد نفسه اليوم أمام واقع جديد. وقال كبير معلّقي صحيفة «يديعوت آحرونوت»، ناحوم برنياع: «إذا كان (شتيرنهل) هدفًا، فمن الممكن أن يتحوّل تقريباً كل من لا يفكر مثل اليمين المتطرف هدفاً أيضاً».
أمّا الصحافي ايتان هابر فقد كتب في «يديعوت أحرونوت»: «منذ عام 1967، لم يكن هناك رئيس حكومة ولا وزير دفاع يبتغي مواجهة مخالفي القانون الإسرائيليين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وغزة.. ولا أحد اليوم قادر على ذلك».
وأشار هابر، المدير العام السابق لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية إسحق رابين الذي اغتيل في عام 1995، إلى أن «سكاناً إسرائيليين في المناطق (الفلسطينية) قتلوا عمداً أطفالاً فلسطينيين ومنهم من قام بتنفيذ عمليات عصابات قاسية، ولا أحد منهم موجود اليوم خلف القضبان والمؤسسة الإسرائيلية تساهلت معهم ومع شروط سجنهم لدرجة إطلاق سراحهم».