محمد زبيببعيداً عن مناقشة تعبير «المكرمة» الغريب جداً عن ثقافة «الدولة» و«المواطَنة» و«حب الحياة»، فإن تفصيل كيفية صرف الهبة السعودية البالغة 44 مليون دولار فقط لا غير، يطرح أسئلة محورية ومهمّة عن أولويات الحكومة اللبنانية والوظائف التي تؤديها. فقد أعلن المدير العام لوزارة التربية، فادي يرق، أن هذه الهبة ستغطي صناديق المدارس الرسمية، رسوم الخزينة، وصناديق مجالس الأهل... وستغطي كذلك شراء الكتب المدرسية لطلاب المراحل الابتدائية والمتوسطة، فضلاً عن توظيف ما بقي منها في تعزيز المناهج التربوية، ولا سيما مواد المعلوماتية، تعميم اللغات، وتنمية النشاطات الرياضية للطلاب...
كل ذلك لن يكلّف أكثر من 44 مليون دولار، فيما امتنعت الحكومات المتعاقبة عن دعم قطاع التعليم الرسمي طوال السنوات الماضية، بل وأمعنت في سياستها المدمّرة لنوعية هذا التعليم... فماذا كان يمنع صرف مثل هذه المبالغ من الموازنة العامة في سبيل تحسين التعليم الرسمي وتمكين الفقراء وذوي الدخل المحدود ومتوسطي الحال من الحصول على فرص التعليم النوعي والجيد من دون أن تُثقل كواهلهم بالأعباء الباهظة؟
إن مبلغاً يفعل كل ذلك، لا يرتّب إلا 0.4 في المئة من الموازنة العامة، وهذا حق للمواطنين، من دون منّة من أحد، أو مكرمة وإحسان.