Strong>فاز بقرار قضائيّ يمنع أي «دعوة» خارج حزبه... وعيّن سفراء من دون العودة إلى البرلمانيبدو أنّ نوري المالكي قرّر فرض قبضته على كامل السياسة العراقيّة في الداخل والخارج، من دون أن يمنعه ذلك من إعلان استعداده للمساومة على سيادة بلاده في ما يتعلّق بالاتفاقية المنوي توقيعها مع واشنطن، بالتزامن مع نيله حكماً قضائياً انتخابياً لمصلحة حزبه

بغداد ـــ الأخبار
قرّر رئيس الحكومة العراقية، نوري المالكي، في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس» أمس، الجمع بين مظهرين: رئيس وزراء دولة عظمى يعرض خدماته على الولايات المتحدة لمساعدتها على الخروج من أزمتها الماليّة، وسياسي «مبتدئ» يملك الجرأة للاعتراف بأنه مستعد للتنازل عن سيادة بلاده من خلال التخلي عن حق العدالة العراقية بمحاكمة الجنود الأميركيين الذين سيظلون في بلاد الرافدين بموجب الاتفاقية الأميركية ـــــ العراقية المنتظرة.
وبدا أنّ المالكي تقصّد تمرير عدد من الرسائل إلى الإدارة الأميركية؛ فمن جهة، أوضح أنّ قاعدة «مساومته» حول السيادة القضائية على قوات الاحتلال، ستنطلق من القبول بتسليم المخالفين من الأميركيين لقوات بلادهم «إذا كانت مخالفتهم تندرج من ضمن تأديتهم لوظيفتهم»، وحصر مقاضاة العدالة العراقية لهم في الحالات الأخرى. ومن جهة أخرى، أرفق المالكي استعداده للتنازل عن المطلب السيادي هذا، بتحذير واضح عندما قال «ننوي المساومة حول الحصانة، لكن البرلمان العراقي لن يقبل أي اتفاقية تمسّ المصالح الوطنية العراقية».
وفي معرض شكره للقوات الأميركية على «تضحياتها»، عرض المالكي ردّ «الجميل» من خلال مساعدة الأميركيين في مشكلتهم المالية، قبل أن يشير إلى أنّ «أفضل مساعدة يمكن أن تقدّمها لهم في محنتهم هي أن نتسلّم أمن بلادنا منهمووصف المالكي الاتفاقية المنوي توقيعها مع واشنطن بأنها ستكون «اتفاقية تاريخيّة»، كاشفاً عن أنّه مصرّ على توقيعها قبل نهاية العام الجاري. غير أنّه لم يستبعد الفشل في توقيعها في هذا الأفق الزمني، وفي هذه الحالة، أبدى تخوّفاً من أن يفشل مجلس الأمن الدولي في تمديد القرار الدولي الذي يتيح للقوات الأجنبية البقاء في العراق، «بسبب التوتّر الأميركي ـــــ الروسي على خلفية الأزمة الأخيرة في القوقاز»، في تلميح إلى احتمال استعمال موسكو فيتو ضدّ قرار التمديد.
وتحسّباً لهذا الاحتمال، رأى المالكي أنه «إذا لم نوقّع الاتفاقية بحلول الأول من كانون الثاني 2009، فسيكون على القوات الأميركية البقاء داخل قواعدها، وعندها علينا التوصّل إلى اتفاق سريع لانسحاب القوات الأجنبية لأنّ حاجتنا للقوات الأميركية تنخفض».
وفي الشأن العراقي الداخلي، ظهر أمس أنّ المالكي يستفيد من وجود وزير خارجيته ورئيس جمهوريته هوشيار زيباري وجلال الطالباني خارج البلاد، فأصدر تعيينات دبلوماسيّة في عواصم حسّاسة، في خطوة أثارت بعض النواب من العرب السنّة ضدّها. وعيّن المالكي ستة سفراء في عدد من الدول العربية والأجنبية، كذلك أحال 23 من كبار موظفي وزارة الخارجية إلى التقاعد.
وكشف المتحدث باسم الحكومة، علي الدباغ، عن أنّ رئيس الوزراء سمّى علاء الجوادي سفيراً للعراق لدى سوريا، وغانم الجميلي لدى السعودية، وعبد الأمير أبو طبيخ لدى البحرين وعمر البرزنجي لدى لبنان، إضافة إلى معز الخطيب لدى تركيا.
وكانت مصادر في وزارة الخارجية قد كشفت في وقت سابق عن عزل المالكي وكيل وزارة الخارجية محمد الحاج حمود، وعدداً من سفراء العراق في الخارج.
وقد أثارت هذه الخطوة الكتلة العربية للحوار الوطني، إذ اعتبر النائب عنها محمد الدايني أن المالكي «يسعى إلى انقلاب عسكري مغلف سياسياً، فضلاً عن أنّه يخوض معركة خاسرة مع الدستور، ستعرّضه للمساءلة القانونية بدليل أنه عيّن سفراء وأقال آخرين من دون العودة إلى البرلمان صاحب الصلاحية». وتابع أن «المالكي يسعى لإحداث انقلاب ذاتي رسمي، كذلك بدأ يكثر من خلق الخصوم، حتى مع أقرب حلفائه».
وفي السياق، كشف الخبير القانوني، طارق حرب، عن كسب حزب المالكي («حزب الدعوة الإسلامي»)، دعوى قضائية ضدّ الأحزاب التي تحمل اسم «الدعوة»، وألزم مفوّضية الانتخابات بشطب أسماء الأحزاب الأخرى التي تحمل الاسم نفسه ,اقتصار كلمة «الدعوة» في أسماء الأحزاب على «حزب الدعوة الإسلامي ـــــ الأمانة العامة».
وأوضح حرب أنّ «المدّعى عليهم في القضية التي رفعها حزب الدعوة الإسلامي قبل شهرين، هم: المفوّضية العليا المستقلّة للانتخابات، منظمة أنصار الدعوة، حزب كوادر الدعوة، تنظيمات أبناء الدعوة وحزب الدعوة العراقي»، مشدّداً على أن «القرار نهائي لا يخضع للتمييز أو الاستئناف».
وفي موضوع شطب المادّة 50 من قانون انتخابات المحافظات الخاصّة بـ«حقوق الأقليات»، حمّلت «جبهة الحوار الوطني» التي يرأسها النائب صالح المطلك، الطالباني والتحالف الكردستاني مسؤولية شطب المادة المذكورة من القانون الذي أقرّه البرلمان الأسبوع الماضي، وأثار قلق الأقليات المسيحية التي تضامن المالكي معها.