جلسة للبرلمان الأحد تقرّ «الموازنة التكميليّة» و«انتخابات المحافظات» بعد إسقاط بند انسحاب «البشمركة» من كركوكبغداد ــ زيد الزبيدي
رغم مرور 10 أيام على صدوره عن البرلمان من دون اجتماع مجلس الرئاسة لمناقشته وإعطاء النقض صفته القانونية، لم يدخل قانون انتخابات المحافظات حيّز التنفيذ، وذلك بعكس العديد من القرارات والقوانين السابقة.
ورغم كثرة الملاحظات على عدم دستورية قرار النقض، والمناقشات في تعديل القانون أو تبديله، لا يبدو أن بإمكان الرئيس جلال الطالباني وكتلة «التحالف الكردستاني» تغيير اتجاه الغالبية الداعمة للقانون في البرلمان، في ظلّ فقدان قادة الكتل الرئيسية السيطرة على قرار نوّابهم. ملاحظة تعني بحسب مراقبين كثر أنّ طرح الطالباني المتعلق بتوافر شرط «التوافق» الطائفي والعرقي على أي قانون قبل إقراره، أساساً لاتخاذ القرارات في الدولة العراقية، من سابع المستحيلات.
وكانت المشكلة قد انفجرت عند اتخاذ البرلمان قراراً بالتصويت سرّاً على المادة 24 من القانون، المتعلقة بانتخابات محافظة كركوك، ما سمح للكتل السياسية بالتنصل من التزاماتها تجاه التحالف الكردستاني والموافقة على المادة، التي تنصّ على تأجيل الانتخابات، وتقسيم السلطة في المحافظة بالتساوي بين الأكراد والعرب والتركمان، وانسحاب قوّات «البشمركة» من المدينة وتسليمها إلى الحكومة المركزيةويعزو مراقبون إصرار التحالف الكردستاني على التصويت العلني، إلى التعرف بمدى تجاوب الأطراف مع الاتفاقات التي عقدوها مع التحالف، وتلك التي أُغريت بالمال وغيره. وفي هذا المجال، كشف عن تخصيص منزل لرئيس مجلس النواب محمود المشهداني في أربيل، إضافة إلى توفير «قرض» له بقيمة 90 ألف دولار، وتسهيلات أخرى.
وكانت الأحزاب الكردية قد اتهمت كل الذين صوتوا لقانون الانتخابات، بأنهم من «الصداميين والتكفيريين والشوفينيين»، وكأنهم لم يكونوا حلفاءهم قبل أيام، وكأن صدام حسين نفسه لم يكن حليفهم في فترات سابقة عديدة.
وفيما انصبّ اعتراض الطالباني على عدم وجود توافق بشأن القانون، أشار برلمانيون إلى أن الدستور بحد ذاته، قد وُضع وأُقرّ من دون توافق، وأنّ المادة الوحيدة فيه التي جرى التوافق عليها في اللحظات الأخيرة قبل الاستفتاء عليه، هي المادة 141، التي تنظّم آليّة تعديل أو إلغاء الدستور أو إعادة النظر به.
وبعد مناقشات طويلة ومكثفة، تنبّهت المجموعات البرلمانية التي أقرت القانون إلى أن نقض الطالباني، المجابَه برفض برلماني، سيؤخر صدور القانون إلى ما بعد العطلة الصيفية للبرلمان، وهو أمر ينافي مصلحة رئيس الجمهورية والحكومة بالتقيّد بـ«التقويم الأميركي».
ويرى مراقبون في هذا السياق أن التحالف الكردستاني يتّبع سياسة «ليّ الذراع» من خلال الفيتو الرئاسي، بينما الكتل الأخرى لديها أيضاً فرصة لممارسة سياسة «كسر العظم» نفسها، لأنّ الحكومة والرئاسة والعملية السياسية برمّتها لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية من دون تشريع هذا القانون المطلوب دولياً، وكذلك محلياً.
وبحسب تصريحات الكتل السياسية بعد جلسة الأربعاء الماضي، فقد اتُّفق على التصويت على القانون في جلسة استثنائية يوم الأحد المقبل، بعد إدخال «تعديلات طفيفة» عليه، وخاصة على الفقرة المتعلقة باستقدام قوات من الجنوب والوسط لتحل محل القوات الأمنية الكردية في كركوك، إذ ستُستبدَل بـ«إعطاء الحكومة الاتحادية حق تقرير حاجة المحافظة الأمنية» في استقدام تلك القوات من عدمه.
لكنّ الثمن «غير المنظور» لهذه الصفقة، سرعان ما ظهر في الجلسة البرلمانية التي عُقدت أوّل من أمس، وهي كانت الأخيرة في الفصل التشريعي قبل بدء العطلة البرلمانية لولا الاتفاق على جلسة الأحد.
وفيما كان من المفترض أن يجري التصويت في الجلسة المذكورة على القانون وإقراره، أخذت الجلسة منحىً آخر، حيث أعلن بدء العطلة البرلمانية، وتخصيص جلسة استثنائية الأحد المقبل للتصويت عليه، وعلى «قانون الموازنة التكميلية» التي توزّع أكثر من عشرين مليار دولار للمشاريع الحكومية.
وفي جلسة الأربعاء، «التقى النقيضان»، حيث انسحب التحالف الكردستاني منها بغرض إفقاد الجلسة نصابها القانوني، سعياً لإقرار حصّته في قانون الموازنة التكميلية، وانسحب معه خصومه من أنصار قانون الانتخابات، ومنهم أعضاء في «جبهة التوافق»، و«القائمة العراقية»، والتيار الصدري، و«الكتلة العربية للحوار الوطني»، وكتلة «الفضيلة الإسلامية».
وبعدها، أعلن رئيس المجلس، انتهاء الدورة التشريعية، والدعوة إلى جلسة استثنائية لإقرار «صفقة» مشروعي القانون في رزمة واحدة: «قانون الانتخابات مقابل الموازنة التكميلية»، ضمن عملية سياسية ــ مالية، تُباع السياسة فيها وتشترى، على حساب الدماء التي ذهبت هدراً.