غزة ــ قيس صفديرام الله ــأحمد شاكر
لم تنه أنباء الحوار حال التوتّر الأمني بين حركتي «فتح» و«حماس» في الأراضي الفلسطينية، بل يبدو أن الأمور تتجه إلى مزيد من التأزّم مع قيام قوات الأمن الموالية لـ«حماس» في غزة بحملة اعتقالات طاولت قادة بارزين ونشطاء في «فتح»، للضغط على سلطة رام الله لإطلاق سراح معتقلي الحركة الإسلامية في الضفة الغربية.
واعتقلت الأجهزة الأمنية في غزّة أمس، رئيس هيئة العمل الوطني وعضو اللجنة المركزية لـ«فتح» زكريا الآغا، وعضو المجلس الثوري للحركة إبراهيم أبو النجا، ومحافظ غزة رئيس الغرفة التجارية محمد القدوة، ومحافظ الوسطى عبد الله أبو سمهدانة، ومحافظ خان يونس أسامة الفرا، وعدداً من قادة وأمناء سر الحركة في القطاع.
وقالت «حماس»، على لسان المتحدث باسمها سامي أبو زهري: «أمام تصاعد وتيرة الاعتقالات السياسية في الضفة في ظل صمت داخلي وخارجي، اضطررنا إلى اتخاذ هذه الخطوة لوقف المذبحة السياسية التي تتعرض لها حركة حماس في الضفة، بإشراف (المنسق الأمني الخاص للأراضي الفلسطينية وإسرائيل) الجنرال الأميركي كيث دايتون، في سياق مشروع التنسيق الأمني بين الاحتلال الصهيوني وأجهزة أمن سلطة رام الله».
وجاءت حملة الاعتقال الأخيرة بعد ساعات على دعوة الرئيس محمود عباس للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين عقب «انفجار البحر» قبل نحو أسبوع في غزة. غير أن أبو زهري نفى صحة الأنباء التي تناولتها بعض وسائل الإعلام عن الإفراج عن معتقلي «حماس» في الضفة. وقال: «يوم أمس (الخميس) أصدر رئيس السلطة قراراً بالإفراج عن المعتقلين من حماس على خلفية أحداث غزة، ونحن نقول إن هذه أنباء عارية من الصحة وننفي الإفراج عن أي من المعتقلين». وأكد أن أجهزة أمن السلطة في الضفة تواصل منذ يوم السبت الماضي اختطاف أكثر من مئتي ناشط من «حماس»، وفي مقدمتهم عضو القيادة السياسية الدكتور محمد غزال، وعدد من الأكاديميين والعلماء وأئمة المساجد.
وقال أبو زهري: «كان ينبغي للذي اتخذ قراراً باعتقال غزال وغيره من قادة حماس أن يعلم أنه يلعب بالنار، وأن حماس لا يمكن أن تسلم باستفراد أجهزة رام الله بقادتها وأنصارها، في ظل هذا التنسيق الأمني العالي بين هذه الأجهزة والاحتلال الصهيوني».
إلا أن أحد مسؤولي الأجهزة الأمنية التابعة للرئاسة الفلسطينية أعلن، في وقت لاحق، الإفراج عن «أربعة ناشطين في حماس، بينهم محمد غزال».
وفي تعليق على حملة الاعتقالات الجديدة، قال الأمين العام للرئاسة الفلسطينية، الطيب عبد الرحيم: «إننا ملتزمون مبادرة الرئيس محمود عباس للحوار، لكن اعتقال حماس لقيادي حركة فتح في غزة يؤكد أنها غير معنية بالحوار». وأضاف: «على الجميع أن يدركوا أن حركة حماس غير معنية إلا بتثبيت إمارتها الظلامية في قطاع غزة». وتابع: «من الواضح أن القرار الحمساوي بيد قتلة صغار وتجار حرب لقطع الطريق على أي جهود فلسطينية وعربية وإسلامية للحوار ورأب الصدع من أجل وحدة الشعب الفلسطيني ومواجهة العدو الرئيسي، وهو الاحتلال الإسرائيلي».
وأشار عبد الرحيم إلى أن «هذا التصعيد هدفه افتعال مشاكل في الضفة الغربية، لكننا ندعو إلى الالتزام والوعي وعدم الانجرار وراء مآربهم التي تهدف إلى ضرب الأمن والأمان والوحدة الوطنية الفلسطينية».
وفي وقت سابق، لمّح القيادي في «حماس»، محمود الزهار، أمام الآلاف من أنصار الحركة في حفل زفاف جماعي في خان يونس، إلى السيطرة على الضفة وتكرار تجربة الحسم العسكري في غزة. وخاطب سكان الضفة قائلاً: «لشعبنا المقهور في رام الله، نقول لهم شمس الحرية كما أشرقت في قطاع غزة ستشرق عليكم بإذن الله». ووجه حديثه إلى أركان سلطة رام الله، قائلاً: «من ظن أنه بالسجن أو القهر سيطفئ شمعة الحرية التي توقدت في الضفة فهو واهم، ومن لم يقرأ صفحة غزة قراءة صحيحة فليقرأها».
وأضاف الزهار: «يقولون حوار، نقول نعم للحوار، لكن هذا الحوار لا يعني أن يعود الفساد». وتابع: «نعم للحوار، ولن يكون هناك أجهزة أمنية تتعامل مع العدو علينا، وستكون هذه الأجهزة خداماً للشعب»، مشدداً على أن «من كان يظن أن الحوار سيعيد الدائرة المظلمة ويحجب شمس الحرية التي عشناها منذ عام ونصف العام فهو واهم».
ودانت جبهة اليسار (الجبهتان الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين وحزب الشعب الفلسطيني) استمرار حملة الاعتقال السياسي في الضفة وغزة، داعية إلى «الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، والاتفاق على ميثاق شرف لتحريم الاعتقال السياسي وتجريمه، والابتعاد عن الفعل وردات الفعل التي تعمّق الانقسام وتزيد الاحتقان ما يضعف المجتمع وقدرته على الصمود ومقاومة مشاريع الاحتلال».