إلغاء المعاهدة اللبنانيّة السوريّة يؤدّي إلى إلغاء كل الاتفاقيّات الثنائيّة

لا يؤيّد الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري إلغاء المجلس بل درس الوضع الناشئ عن التبادل الدبلوماسي لتحديد صلاحياته، ويشير إلى أن إلغاء معاهدة التنسيق والأخوة يعني إلغاء الاتفاقيات الثنائية كلها، وبالتالي حصول فوضى في العلاقات بين البلدين

1- لماذا يُطرح المجلس الأعلى اللبناني السوري مقابل التمثيل الدبلوماسي بين لبنان وسوريا، وهل هناك تعارض بين الهيئات المنبثقة عنه مع وجود سفارتين؟

ـــ هذا الطرح برأيي غير مدروس وغير دقيق، لأن المجلس الأعلى اللبناني السوري مُنشأ بموجب معاهدة الأخوّة والتنسيق بين لبنان وسوريا، وهو مكوّن من أعلى المسؤولين في البلدين. وقد أنشأت المعاهدة مجموعة أجهزة تابعة لتنفيذ أحكام الاتفاقيات المنبثقة عنها، مثل الأمانة العامة للمجلس التي وُضع لها نظام داخلي وحُدّدت صلاحياتها لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاقيات الثنائية وتنفيذ مقررات الهيئات المنبثقة من المجلس، مثل هيئة المتابعة والتنسيق واللجنة الاقتصادية الاجتماعية واللجان المختصة، فضلاً عن تحضير الاجتماعات وجداول الأعمال... وصلاحيات الأمانة العامة للمجلس الأعلى شبيهة بصلاحيات أي أمانة عامة، مثل مجلس التعاون الخليجي الذي لديه صلاحيات أوسع على سبيل المثال.
أما السفارات فلها مهمات أخرى، علماً بأنه قد يكون حصل التباس بشأن الصلاحيات في الفترة السابقة، نتيجة عدم وجود تبادل دبلوماسي. ففي بعض الأحيان، كانت هناك أمور تحتاج إلى متابعة وتنظيم، ربما كانت تقع ضمن اختصاص السفارات، ولكن كانت الأمانة العامة تتابعها (معاملات إدارية مثل الزواج، المعاملات القضائية...)، لتسهيل مصالح الناس في البلدين. والمجلس الأعلى لم يكن بديلاً للسفارة ولا يحل محلها، بل هو جهاز لمتابعة تنفيذ الاتفاقيات.
ويقتضي تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، دراسة هذا الوضع الناشئ لإدخال تعديلات على نظام الأمانة العامة وهيكليته لخلق انسجام مع عمل السفارتين.

2- ما هي التعديلات الممكنة، وهل يجب الإبقاء على الأمانة العامة للمجلس الأعلى؟

ــ برأيي ليس هناك تناقض بين وجود المجلس الأعلى والسفارتين، وهناك تجارب كثيرة في العالم العربي (مجلس التعاون الخليجي)، وفي أوروبا (الاتحاد الأوروبي) والأمانة العامة لمنظمة العمل الإسلامي... وقد تكون الحاجة إلى إجراء تعديلات لتحديد صلاحيات الأمانة العامة أو تضييقها وتوضيحها، وتحديد صلاحيات السفارتين، إذا تقرر الإبقاء على المجلس الأعلى أو الأجهزة الناشئة عنه.

3- هل تعتقد أن هناك ابتزازاً سياسياً في طرح إلغاء المجلس الأعلى وإنشاء سفارتين؟

ـــ لم يُطرح أي شيء رسمي حتى الآن، وكل الطروحات لا تزال إعلامية، وبالتالي فإن بحث الموضوع بين البلدين يبدأ عندما يُطرح رسمياً. لكن الجانب السوري أعلن موقفاً صريحاً ورسمياً على لسان وزير الخارجية وليد المعلم الذي يفضّل الإبقاء على المجلس الأعلى، وبحث الوضع المستجد وربما اقتضى الأمر إدخال بعض التعديلات.

4- إذا اتُّفق على إلغاء المجلس الأعلى، هل ستلغى الاتفاقيات وما تداعيات ذلك؟

ـــ أي بحث في هذا الإطار يجب أن يبدأ بالمعاهدة الموقّعة بين البلدين والاتفاقيات المنبثقة عنها، ومن ضمنها المجلس الأعلى، لأن معاهدة الأخوّة والتنسيق التي وقّعها الطرفان أتت إنفاذاً لاتفاق الطائف الذي ينص على إقامة علاقات مميّزة بين لبنان وسوريا تُنظَّم بموجب اتفاقيات ثنائية، وبالتالي فإن موضوع المعاهدة هو الذي يجب بحثه، فهل المطلوب الإبقاء عليها أو تعديلها أو إلغاء بعض الأجهزة المنشأة، علماً بأن هناك فقرة ختامية في المعاهدة تقول: توقّع اتفاقيات ثنائية تعدّ مكمّلة للمعاهدة، أي إن الاتفاقيات تستند إلى هذه المعاهدة! وبرأيي فإن إلغاء المعاهدة يؤدي إلى إلغاء كل الاتفاقيات، وهو أمر سيكون انعكاسه سلبياً، إذ ستعود العلاقات إلى ما قبل نقطة البداية، وسيخلق الإلغاء نوعاً من الفوضى في العلاقات اللبنانية ـــ السورية، في ظل غياب أطر قانونية تنظّم هذه العلاقات، ولا سيما في موضوع التبادل التجاري، الترانزيت، التنقّل بين البلدين... وأنا أعتقد أن طرح إلغاء الاتفاقيات أمر غير طبيعي، ولا أعتقد أن الجانبين بهذا الوارد، خلافاً للاتجاه الإيجابي للعلاقات بين البلدين، وهذه أسوأ الفرضيات.

5- تحدث وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن غبن في الاتفاقيات، كما أشرت إليها في تصريح لك، أين هو الغبن في الاتفاقيات التي يعتقد بعض الجانب اللبناني وجود غبن لحق به أيضاً؟

ـــ أشرت إلى ضرورة إعادة دراسة الاتفاقيات ومراجعتها، ففي الجانب السوري هناك من يشير إلى غبن يلحق بسوريا، وفي الجانب اللبناني هناك من يلفت إلى غبن لحق بلبنان. وهذه المراجعة قد اتُّفق عليها في عام 2005 خلال زيارة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة إلى سوريا، واتُّفق على إنشاء لجنة مشتركة لتقييم الاتفاقيات وبحث تطويرها أو تعديلها أو إلغائها، واتُّفق يومها على أن يدرس كل جانب الاتفاقيات ويضع ملاحظاته، وحتى اليوم لم تصل ملاحظات الجانب اللبناني، لا بل سمعت من الوزراء اللبنانيين آنذاك أن هذه الاتفاقيات إيجابية للبنان.
علماً بأن بعض الاتفاقيات أعطت امتيازات للبنان، وإذا طُرحت إعادة النظر فيها قد يُتراجع عن هذه الامتيازات. وفي أي حال، الباب مفتوح للمراجعة الضرورية لتطوير الاتفاقيات.

6- على سبيل المثال، هناك رأي في لبنان أن اتفاقية مياه العاصي مجحفة للبنان وليس فيها امتيازات للبنان، كما أن هناك رأياً يشير إلى ضرورة إعادة النظر بالاتفاقيات، لكونها وقّعت في أيام الوصاية السورية؟

ـــ أعتقد أن هذه الاتفاقية خضعت لكثير من النقاشات الموثّقة في محاضر اللجان الفرعية، وقد جُمّدت في مجلس النواب اللبناني لمدة سنتين حتى مناقشة الملحق الخاص بها الذي عالج كل الثغرات المطروحة... ولا أريد التعليق على ما يثار في الإعلام، ولكن المطلوب من لبنان موقف رسمي، فكل الاتفاقيات قابلة للبحث، ولكن بطلب رسمي، وحتى اليوم لم تلفت أي لجنة مشتركة إلى ضرورة إعادة النظر بهذه الاتفاقية، علماً بأن لبنان حصل على أكثر مما كان يطلبه قبل السبعينيات من مياه العاصي.

7- ما قيمة هذه الاتفاقيات إذا كانت سوريا تتحكّم دائماً بالحدود؟

ـــ ليس هناك دولة تقوم بإجراءات وتدابير على حدودها عشوائياً ومطلقاً، والجانب السوري نفذ ما كان مطلوباً منه بالنسبة لإنشاء مكاتب حدودية مشتركة، إلا أن الأمور الطارئة السياسية قد تحصل وتؤدي إلى اتخاذ إجراءات كهذه، وهذا يعبّر عن تأزّم في العلاقات، فالأجواء السياسية تنعكس على العلاقات بين البلدين على أكثر من صعيد، كما أن غياب التنسيق الأمني كان وراء التشدّد على الحدود. وموضوع وقف دخول البطاطا إلى سوريا كان موضع بحث منذ سنتين ولبنان ليس مقصوداً، فالبطاطا المصرية أيضاً ممنوعة وغيرها، وذلك بسبب أمراض زراعية، وفرض رسم العبور يشمل السوريين والأجانب.


المشكلة مصرية

يرى الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري، نصري خوري، أن وصلة خط الغاز بين دمشق وحمص التي يستفيد منها لبنان شارفت على الانتهاء، لكن المشكلة لدى المصريين، الذين لم يعطوا سوريا الغاز إلا منذ أسبوع، وبكميات تجريبية