مصرفان فقط من أصل 66 مصرفاً عاملاً في لبنان أنشآ حتى اليوم مصارف إسلامية، رغم النمو اللافت لهذا النوع من الصناعة المصرفية عالمياً وعربياً
نادر صباغ
رخّص مصرف لبنان حتى الآن لخمسة مصارف إسلامية للعمل في لبنان، أربعة منها تمارس حالياً نشاطها فعلياً، اثنان لبنانيان هما بنك بلوم للتنمية (عضو في مجموعة لبنان والمهجر) والبنك الإسلامي اللبناني (عضو في مجموعة الاعتماد اللبناني)، ومصرفان عربيان هما بيت التمويل العربي وبنك البركة، فيما يسعى البنك اللبناني الكندي لفتح مصرف إسلامي له في لبنان قريباً.
وقال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في منتدى عن الصيرفة الإسلامية عقد في بيروت أخيراً، إن البنك المركزي اعتمد مقاربة للصيرفة الإسلامية استندت إلى التوفيق بين احترام خصائص هذا النوع من الصناعة المالية والمعايير المعتمدة بالنسبة إلى المصارف التجارية التقليدية... والمعروف عن سلامة عدم حماسته للصيرفة الإسلامية، فكان لافتاً في كلامه أن يعدّها من الأدوات النقدية غير التقليدية التي يمكنها اليوم أن تواجه عدداً من العناصر المؤثرة التي تحرّك الأسواق العالمية حالياً كخطر التضخم، مؤكداً في هذا السياق أن أسعار الفائدة لم تعد هي التي تحرك الأسواق، بل سعر النفط، بدليل أن «الأزمة واحدة رغم أن المصرف المركزي الأميركي يخفض الفائدة، والمصرف المركزي الأوروبي يرفعها».
ويجمع معظم الخبراء حالياً على أن آفاق الازدهار أمام المؤسسات المالية الإسلامية كبيرة وواعدة، في وقت يبقى فيه هذا الموضوع مجهولاً لدى شريحة كبيرة من العملاء، إذ يتساءل كثيرون عما إذا كان هناك فعلاً شيء اسمه مصارف إسلامية، وما هو الفارق بينها وبين المصارف التقليدية، وهل أهميتها الاقتصادية فعلاً بحجم ما يتناوله البعض، أم أنها مجرد زوبعة في فنجان؟
لقد تنامى الاهتمام بالصيرفة الإسلامية في السنوات الأخيرة، إذ تطورت المؤسسات المالية الإسلامية بشكل كبير (24% المعدل الوسطي لنسبة نموها السنوية) وانتشرت بسرعة غير متوقعة، وأصبحت تضم أكثر من 270 مصرفاً ومؤسسة مالية في 75 دولة حول العالم تزيد أصولها الإجمالية على 400 مليار دولار أميركي بتوقعات أن تصل إلى تريليون دولار في عام 2012. وأظهرت إحصاءات حديثة أن المصارف الإسلامية مرشحة للاستحواذ على حوالى 40ـــــ50% من الادخارات الإسلامية حول العالم في السنوات العشر المقبلة.
وتتركز الصيرفة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 62%، ويتوقع المجلس العام للبنوك الإسلامية أن تصل أصول الصناعة المالية الإسلامية باستثناء التكافل والصناديق في دول الخليج إلى حوالى 210 مليارات دولار بنهاية عام 2010.
ولا يبدو المشهد في لبنان مواكباً لهذه التطورات، فالقطاع المصرفي اللبناني الذي طالما تغنى بريادته في الصناعة المصرفية التقليدية لا يولي الصيرفة الإسلامية كثير اهتمام، إذ يوجد مصرفان فقط من أصل 66 مصرفاً تقليدياً يعملان في هذا النوع من الصيرفة... ويعدّ بنك بلوم للتنمية الذي تأسس في شهر آب من عام 2005 من أوائل المصارف التقليدية اللبنانية التي أنشأت مصرفاً إسلامياً. ويرى مدير الفرع الرئيسي طارق حسامي أن المستقبل أمام هذه الصناعة واعد ومبشّر، ويشير إلى أنه قبل شباط 2004 لم يكن هناك نظام رقابي يرعى العمل المصرفي الإسلامي في لبنان، بل كان هناك بنوك تجارية تعمل وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، ولكن برقابة ونظام تخضع له سائر البنوك التجارية، ما أعطى العمل المصرفي الإسلامي صورة مغايرة لواقعه.
وقد نُقل عدد قليل جداً من حسابات العملاء من «بلوم التجاري» إلى «بلوم الإسلامي»، ومع ذلك فاق حجم أعمال الأخير 13 مليون دولار، كما يلفت حسامي.
ويعزو العديد من المتابعين لموضوع الصيرفة الإسلامية وتطورها الأسباب الكامنة وراء ضعف هذه الصناعة محلياً إلى جهل أغلبية اللبنانيين بماهيتها وأدواتها وتقديماتها والفارق بينها وبين الصيرفة التقليدية.


80%

نسبة اللبنانيين الذين لا يعرفون بوجود مصارف إسلامية في لبنان، وفقاً لأحد المصرفيين اللبنانيين، الذي يروي أن صديقاً له، وهو مسيحي، سأله إن كان يحق له أن يفتح حساباً في مصرف إسلامي!