انتقال التوتّر إلى الضفّة... وإسرائيل تنقل آل حلّس إلى أريحاهل هو هدوء ما قبل المرحلة التالية، أم تمهيد للحوار؟ سؤال يدور في ذهن الفلسطينيين مع انخفاض حدة التوتر الأمني بين «حماس» و«فتح» وبقائه سياسيّاً، وسط مخاوف من انتقال المواجهات إلى الضفة الغربية، في خطوة يخشاها قياديّو الحركة الإسلامية

غزة ــ قيس صفدي
لم ينعكس الهدوء الأمني في قطاع غزة، على التراشق السياسي بين حركتي «حماس» و«فتح»، والذي بقي على وتيرة مرتفعة مصحوباً باتهامات متبادلة، في وقت بدا فيه أن التوتر الأمني في طريقه إلى الضفة الغربية مع اشتباكات بين أنصار الطرفين في إحدى الجامعات.
وعبرت حركة «حماس» عن استخفافها بتصريحات مسؤولين فلسطينيين موالين لحركة «فتح» حول نية السلطة وحكومة رام الله دراسة حظر ذراعها العسكرية «كتائب عز الدين القسام». ورأى المتحدث باسم الحركة، فوزي برهوم، أن خطوة حظر «القسام» «عار محكوم عليها بالفشل، لأن من يفكر بحظر القسام يجب عليه التصدي لكل الشعب الفلسطيني وبرنامج المقاومة وهو أمر مستحيل».
وفي السياق، أكدت «كتائب القسام» أن الحملة الأمنية في حي الشجاعية قبل يومين بمثابة «إنجاز للشعب الفلسطيني في القضاء على العصابات التي أرهقت شعبنا سنوات طويلة وحتى قبل الانتخابات وقبل وصول حماس إلى السلطة». وشددت، في بيان، على أنه «لم يعد هناك مكان لتجّار الدماء الطواغيت في أرضنا المباركة»، مشيرةً إلى أن «غزة اليوم تنبذ الخبثاء وتطرد المفسدين وتحتضن الشرفاء الأطهار الصادقين».
وفي سياق الأزمة الداخلية، أطلقت وزارة الداخلية في الحكومة المقالة سراح زكريا الآغا، الذي يعدّ المسؤول الأول عن حركة «فتح» في القطاع، بعد اعتقال دام أربعة أيام، فيما أبقت على آخرين، أبرزهم محافظ غزة محمد القدوة رهن الاعتقال. وقال المتحدث باسم الحكومة المقالة، طاهر النونو، إن إطلاق سراح الآغا جاء كبادرة حسن نية واستجابة لجهود محلية وإقليمية.
وفور إطلاقه، طالب الآغا ببدء مرحلة جديدة في العلاقة الوطنية الفلسطينية، مشيراً إلى أن «الحوار الوطني سيبدأ قريباً برعاية الجامعة العربية والإخوة المصريين».
في المقابل، اتهمت «فتح» حركة «حماس» بأنها تستمر وتتمادى في «اختطاف» قيادات فتحاوية، معتبرة أن ذلك يدل على أن «حماس» ليست لديها النية في الحوار والمصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام بين الفلسطينيين. وطالبت «حماس» «بتحديد موقفها الرسمي» من استمرار اعتقال قيادات «فتح» في القطاع.
وفي مؤشر إلى انتقال التوتر إلى الضفة، أغلقت جامعة بيرزيت في رام الله أبوابها وطلبت من الطلبة كافة مغادرتها إثر اشتباكات بالأيدي والعصيّ بين طلبة من الكتلة الإسلامية التابعة لحركة «حماس» وطلبة حركة الشبيبة التابعة لحركة «فتح». وأصيب ثلاثة من الطلبة برضوض خلال هذه الاشتباكات.
وقالت مصادر طلابية ومن إدارة الجامعة إن الاشتباكات وقعت على خلفية الحوادث التي جرت في غزة بين الحركتين المتخاصمتين. وقال مسؤول في الجامعة إن الإدارة قررت إغلاق الجامعة منعاً لتفاقم الأمور بين الطلبة.
إلى ذلك، قررت وزارة الدفاع الإسرائيلية نهائياً، أمس، نقل أبناء عائلة حلّس إلى مدينة أريحا في الضفة بعدما فرّوا من قطاع غزة.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قد وافق السبت الماضي على دخول 188 من أبناء عائلة حلس إلى إسرائيل، وذلك بعد تدخل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض ومسؤولين مصريين. لكن عباس وفياض عادا وطلبا من إسرائيل عدم نقل أبناء عائلة حلس وبينهم زعيم العائلة، أحمد حلس، إلى الضفة.
وذكرت تقارير صحافية إسرائيلية أن مسؤولين أمنيين إسرائيليين يقدرون أن طلب عباس وفياض جاء على خلفية التحسب من أن نقل أبناء عائلة حلس إلى الضفة سيؤجج صراعات داخل قيادات في «فتح» كما أن نقلهم إلى الضفة يظهر وكأن «فتح» تركت الساحة في القطاع.
وأشار محللون إسرائيليون للشؤون الفلسطينية إلى وجود خلافات شديدة بين أحمد حلس والقيادي الفلسطيني محمد دحلان على خلفية انتقادات حلس له، وأن ممارسات دحلان في غزة كانت السبب وراء إقدام «حماس» على تنفيذ الانقلاب في غزة. وكان أحمد حلس يعدّ من أقرب المقرّبين من «حماس» في فترة ما قبل الحسم العسكري، وحتى في المرحلة الأولى التي تلته.
وذكر موقع «هآرتس» أمس أنه بعد اعتقال قوات «حماس» عدداً من أبناء عائلة حلس الذين تمت إعادتهم إلى القطاع، توجه باراك إلى عباس وفياض وطالبهما بإعادة التفكير في قرارهما وبعد ذلك قررت وزارة الدفاع الإسرائيلية نقلهم إلى مدينة أريحا.
ميدانياً، أعلن مسؤولون طبيون أن يوسف عميرة (18 عاماً) استشهد أمس متأثراً بجراح أصيب بها حين أطلقت عليه القوات الإسرائيلية أعيرة مطاطية الأسبوع الماضي خلال اشتباكات مع متظاهرين فلسطينيين في الضفة ضد جدار الفصل العنصري. وقال مسعفون فلسطينيون إن عميرة أصيب بطلقة مطاطية في الرأس.