هآرتس ــ موشيه آرنسأحمدي نجاد ليس أحمقَ. تهديداته ضد إسرائيل المترافقة مع الإصرار على حق إيران الكامل بمواصلة تخصيب اليورانيوم نجحت في دفع غالبية قادة إسرائيل إلى التركيز على الخطر الإيراني وتجاهل الأخطار المباشرة والأقرب الموجودة تحت أنوفنا.
غالبية السياسيين عندنا في السنوات الأخيرة يشبهون الأحصنة التي غطّيت عيونها من الجانبين، حتى لا ترى إلا الجهة الأمامية. يبدو كأنهم فقدوا قدرتهم على الرؤية الشمولية.
وفي هذه الأثناء، يقوم حزب الله و«حماس» بتنفيذ العمل الذي تريده إيران. هم يواصلون إضعاف قوة إسرائيل الردعية في الشمال والجنوب. في طهران ليسوا بحاجة إلى قنبلة نووية حتى يزيلوا إسرائيل. طالما ظلّوا ينوّمون إسرائيل مغناطيسيّاً من خلال التهديد بالقنبلة الإيرانية، فإن صواريخ حزب الله و«حماس» تستطيع أن تقوم بالمهمة بثمن أقل بكثير.
من ناحية إيران، فإن «السور الحديدي»، الذي بلوره بن غوريون، كأساس للاستراتيجية الإسرائيلية الدفاعية، تحول إلى سور من ورق ومن الممكن اختراقه بكل سهولة. في الأسبوع الماضي، قال وزير الدفاع إيهود باراك، بزلّة لسان وفي تهديد آخر من تهديداته الحمقاء، «إن الجيش الإسرائيلي يستعدّ لإحراز نصر لا مساومة فيه إن هاجمت إيران إسرائيل». باراك هو الشخص نفسه الذي بدأ بإضعاف قدرة إسرائيل الدفاعية قبل ثماني سنوات عندما أمر بالانسحاب من جنوب لبنان. التهديدات التي أطلقها آنذاك، حين قال إن إسرائيل ستردّ بشدة على أي تحرش من حزب الله، كانت مجرد كلمات خاوية جوفاء. حزب الله لم يكتفِ بالتحرش، بل إنه عزّز وجوده في جنوب لبنان وتزوّد بآلاف الصواريخ.
بعد باراك، جلس أرييل شارون وشاؤول موفاز يحدقان حولهما، بينما كان حزب الله يزيد من قوته إلى درجة بدأ فيها يردع إسرائيل عن القيام بعملية وقائية. لم يمر وقت طويل حتى دفع السكان المدنيون في إسرائيل ثمن بلادة الحسّ التي أصابت قادتنا من هذا الخطر.
تصريحات إيهود أولمرت المتكررة، وخلاصتها أن إسرائيل انتصرت في حرب لبنان الثانية وأن القرار 1701 هو أحد إنجازاتها الكبرى، تبدّدت وظهرت كحماقة تامة. حزب الله أصبح اليوم أكثر قوة مما كان عليه قبل الحرب، والخطر المحدق بإسرائيل الآن أكثر وأكبر من الماضي بدرجة كبيرة، ناهيك عن أن حزب الله قد وضع يده على لبنان إثر انتصاره على الجيش الإسرائيلي وبسبب موافقة إسرائيل الحمقاء على استبدال سمير القنطار بجثتي الداد ريغف وإيهود غولدفاسر.
حزب الله يحظى بالحق في تنفيذ عمليات عسكرية من خلال بيان الحكومة الجديدة. وهذا نتيجة «رد الفعل الكادح»، الذي تقوم به قوات «اليونيفيل» والجيش اللبناني في جنوب لبنان، والذي اعتبرته حكومة أولمرت إنجازاً عظيماً لإسرائيل في تلك الحرب.