«المجلس الأعلى» يدعم الأكراد في قانون الانتخابات مقابل تأييدهم ضمّ «النخيب» إلى كربلاءبغداد ــ زيد الزبيدي
تتداول الأوساط السياسية العراقية اليوم، كلاماً صادراً عن أوساط المجلس الأعلى الإسلامي، بشأن الضغط على حلفائه وأنصاره من أجل الإبقاء على التحالف الذي يجمعه مع «التحالف الكردستاني» حول قانون انتخابات مجالس المحافظات.
والجديد في كلام المجلس الأعلى، الإشارات إلى أن الإخلال بالاتفاق مع «التحالف الكردستاني» سيدفع بالأكراد إلى معارضة مطالب «الائتلاف العراقي الموحَّد» بإعادة منطقة النخيب إلى محافظة كربلاء، بعدما ألحقها النظام السابق بمحافظة الأنبار.
ومنطقة النخيب كانت تابعة منذ تأسيس الدولة العراقية إلى «لواء الدليم»، أي محافظة الأنبار حالياً، وألحقت لبضع سنوات في ستينيات القرن الماضي بكربلاء، ثم أعيدت إلى الأنبار في ما بعد. وكانت تسمى سابقاً «البادية الغربية»، فيما كانت تعرف مناطق كربلاء والنجف بـ«البادية الجنوبية».
والنخيب من المناطق الغنية بالثروات الطبيعية غير المستغلَّة بعد، وخاصة النفط، ولم تعرف تاريخياً أي تغيير ديموغرافي، حيث إن الغالبية المطلقة من سكانها هم من العرب السنّة.
وإثارة مسألة النخيب بهذه الطريقة، من السوابق في الحياة السياسية العراقية، إذ لم تعرف بلاد الرافدين في تاريخها شيئاً اسمه «المناطق المتنازع عليها» بين المحافظات، إلا بعد الاحتلال، الذي ثبّت المصطلح في الدستور الجديد، وخاصة في المادة 140 منه.
ويتذرّع طارحو منطق «المناطق المتنازع عليها»، بمسألة «التغيُّرات الديموغرافية»، حيث تقفز إلى الواجهة في هذا المجال محافظة كركوك، التي رافقت قضيتها عبارات غريبة مثل «المناطق المستقطعة من إقليم كردستان» في الموصل وديالى وغيرها، رغم أنه لم يكن هناك على مدى التاريخ العراقي شيء اسمه «إقليم كردستان»، إلا في بعض الروايات التاريخية التي تقول إن كردستان هي امتداد للإمبراطورية الميدية في عهد نبوخذ نصّر، التي كانت تحكم شمال بلاد الرافدين.
أما في المناطق الأخرى الشمالية خصوصاً، فإنّ التغييرات التي حصلت لا تعدو كونها إدارية لا أكثر، باستثناء حالات معينة تتعلق بكركوك، كانت بدايتها مع اكتشاف النفط واستقدام الخبراء والفنيين والعمال من مختلف أنحاء العراق.
كذلك نزحت إلى كركوك عائلات عربية كثيرة، قصدتها بحثاً عن ملجأ آمن إبّان الحرب العراقية ــ الإيرانية. أما عمّا يُحكى عن «تعريب» كركوك في عهد صدام حسين، وتهجير سكانها الأكراد، فلا يزال قضية إشكالية غير محسومة.
ومن التغييرات الإدارية التي طالت المناطق العراقية، إنشاء محافظة دهوك، التي كانت تابعة للموصل، والنجف التي كانت قضاءً في كربلاء، ومحافظة السماوة التي كانت قضاءً في الديوانية. أما بغداد، فأصبحت أصغر بعدما كانت حدودها الإدارية تصل إلى كركوك، وتضم محافظتي صلاح الدين وسامراء.
وبحسب النائب عن «جبهة التوافق العراقية»، رشيد العزاوي، فعلى «المجلس الأعلى الإسلامي» وبعض الجهات في الائتلاف عدم إثارة مواضيع مثل «المطالبة بمنطقة النخيب»، لأنها مطالبات «يمكن أن تجر البلد إلى مشاكل بين جميع المحافظات العراقية».
ولفت العزاوي إلى أن مناطق مثل القاسم بين محافظتي بابل والديوانية، والهندية بين بابل وكربلاء، واللطيفية بين بغداد وبابل، إضافة إلى تبعية محافظة صلاح الدين لبغداد، وتبعية محافظة النجف لكربلاء، وتبعية محافظة دهوك للموصل، ومحافظة المثنى للديوانية، وغيرها، ستكون مرشحة لمناحرات من هذا النوع، ما يخلق أزمات لا داعي لها في بلد ينضح جسده بالمشاكل.
وذكّر العزاوي بأن «النخيب من الناحية الإدارية تتبع محافظة الأنبار، وجغرافياً وسكانياً هي امتداد للأنبار منذ الحكم الملكي في العراق».
ويرى العديد من المتابعين أن هذا النوع من النزاعات لا يمكن أن يُحل من خلال المادة 140 من الدستور، التي تتحدث عن إقامة استفتاء «في المناطق المتنازع عليها» لتحديد مصيرها، من دون تسمية هذه المناطق.
أما الأساس الذي يمكن عبره تصنيف المناطق على أنها «متنازع عليها» أو لا، فيمكن عبر طريقتين: الأولى تتمثل بإبقاء الوضع كما كان عليه قبل الاحتلال ومعالجة «الانتهاكات» إن وجدت. أما الطريقة الثانية، فهي من خلال تحديد «نقطة شروع» زمنية، لإعادة الأوضاع في المنطقة إلى ما كانت عليه في ذلك التاريخ، كأن تكون هذه النقطة 14 تموز 1958 عند ولادة الحكم الجمهوري، أو عند تاريخ تسلّم حزب البعث للسلطة.
لكنّ اقتناعاً كبيراً يسود تقويم العراقيين، مفاده أنه في جميع الأحوال، ستكون النتائج كارثية، لأنها ستؤدي إلى تفتت وحدة العراق إلى ما لا نهاية.
ويشير المراقبون إلى أنّ الحل الأمثل هو اعتماد «عراق واحد»، يضمن حق السكن والعمل لجميع العراقيين على كل أراضي بلدهم، وهو الأمر الذي نصّ عليه الدستور الجديد رغم شوائبه العديدة.