بغداد ــ زيد الزبيديبعد حملة «صولة الفرسان» في آذار الماضي، أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أنه لا يحق لأي حزب يملك ميليشيا مسلّحة خوض الانتخابات المحليّة، في إشارة إلى التيار الصدري.
ومع تتالي الأحداث، وإعلان التيار الصدري تجميد عمله العسكري ورغبته بحلّ «جيش المهدي» وتأليف قوات نخبة خاصّة لمقاومة الاحتلال بدلاً من التنظيم الواسع، كشفت التطورات الأخيرة في محافظتي الموصل وديالى عن أحد أخطر تناقضات سياسات حكّام بغداد، الذين لم يجرؤوا حتى على انتقاد الأحزاب الكردية أو الإشارة إلى انتفاء حقّها بخوض الانتخابات، رغم إصرار الأخيرة على نشر ميليشيات «البشمركة»، رغماً عن إرادة الحكومة المركزية. ويرى مراقبون سياسيون أن حرمان التيار الصدري خوض الانتخابات على خلفية امتلاكه لميليشيات مسلحة، ينطبق بشكل مضاعف على الحزبين الكرديين الكبيرين (الديموقراطي الكردستاني والوطني الكردستاني)، لأن الميليشيات التابعة لهما متهمة من العديد من القوى السياسية، بأنها طرف أساسي في إشعال الحرب الطائفية، وخاصة في الشمال. وبحسب أحد المراقبين، فإنّ الكلام على اندماج الميليشيات الكردية بالجيش العراقي تحت اسم «حرس الحدود» هو مجرد مغالطة، «الهدف منها ابتزاز القوى السياسية والطلب إلى الحكومة دفع رواتب منتسبي الحزبين المسيطرين كردياً». ويشير المراقب إلى وجود وزارتين للبشمركة في شمال العراق، إحداهما تابعة للحزب الديموقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البرزاني، والثانية تابعة للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال الطالباني، وليس لأيّ منهما «حرس» حدود! وفي السياق، اتجهت الأنظار أخيراً إلى رئيس الجمهورية، الذي نقض قانون انتخابات المحافظات، ودفع بالقوى التي صوّتت عليه الشهر الماضي، والتي أصبحت تعرف بـ«قوى 22 تموز»، الى إشهار «البطاقة الحمراء» في وجهه، والسعي لملاحقته دستورياً وسياسياً.
في المقابل، تشدّد «قوى 22 تموز» على أنها لن تثير قريباً مسألة مقاضاة الطالباني بتهم الابتعاد عن الصفة العراقية باتجاه الفئوية الضيقة، ولكنها بالتأكيد ستطرح قضية «عدم شرعية نقضه لقانون انتخابات المحافظات»، لسببين أساسيين: أولاً لأن التيار السياسي الذي يمثّله الرئيس، أي التحالف الكردستاني، غير معني بانتخابات المحافظات، حيث إن محافظات إقليم كردستان غير خاضعة لهذا القانون. أما السبب الثاني، فهو أن التحالف الكردستاني فاقد لحقّ المشاركة في الانتخابات خارج إقليم كردستان، على خلفية امتلاكه ميليشيات مسلّحة.
كما يلفت مراقبون كثر إلى أن رئيس الدولة «ضلّل الرأي العام»، عندما قال إنّ البشمركة هي جزء من القوات المسلحة للدولة، وخاصة بعد رفض هذه الميليشيات الانسحاب من ديالى رغم أوامر الجيش العراقي، بحجة أن البشمركة تأتمر فقط من إقليم كردستان.
ولعلّ الأكثر إثارة في الموضوع، هو الكشف عن أنّ اللواء الـ 34 الكردي، الموجود في ديالى والمطالب بالانسحاب منها، يسمّيه الأكراد «كرميان»، وهو يتكون من 4 أفواج، اثنان منهما تابعان لحزب البرزاني، والآخران لحزب الطالباني، ما يؤكّد أن هذه القوات ليست نظامية، بل حزبية. وفيما تضع هذه الأحداث والمعطيات قانون انتخابات المحافظات على المحك، هناك رهان سياسي من نوع آخر سيواجهه رئيس الجمهورية الذي أجريَت له عملية القلب المفتوح في الولايات المتحدة أمس.
فهو بوصفه رئيساً للدولة، من واجبه استخدام حق النقض، لا خدمة لمصالحه الحزبية، بل بما ينسجم والمصلحة الوطنية، التي تلزمه بأن ينقض القانون الذي لا يمنع حزبه والحزب الكردي الثاني من المشاركة الانتخابية إذا لم يبادرا إلى إلقاء سلاح ميليشياتهم.