تسعى إسرائيل إلى تكريس الترتيبات الأمنية التي تريدها للدولة الفلسطينية لدى الإدارة الأميركية الحاليّة والمستقبلية. ترتيبات تشير إلى أن الدولة الفلسطينية المرتقبة لن تكون منزوعة السلاح فقط، بل منزوعة الدولة
رام الله ــ أحمد شاكر
واشنطن ــ محمد سعيد
نقلت إسرائيل إلى الولايات المتحدة وثيقة تفصّل فيها كل الترتيبات الأمنية اللازمة في التسوية الدائمة المستقبلية مع السلطة الفلسطينية. وذكرت صحيفة «معاريف»، أمس، أن الوثيقة أعدها قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي، بتوجيه من رئيس الوزراء إيهود أولمرت.
وأوضحت «معاريف» أن إسرائيل معنية بأن «تتبنى الإدارة الأميركية الحالية الترتيبات الأمنية الاسرائيلية لكل تسوية دائمة مستقبلية. وطرح أولمرت الموضوع في محادثات مع المرشحين للرئاسة الأميركية، جون ماكاين وباراك أوباما لدى زيارتهما إسرائيل، وأعربا عن موافقتهما، على أن تقدّم بشكل وثيقة إلى الإدارة الأميركية».
إلا أن محافل سياسية إسرائيلية ترى أنه سيكون «من الصعب على الإدارة الأميركية قبول الصيغة الإسرائيلية كاملاً لأنها تتعلق بمطالب بعضها موضع خلاف ولن يقبل به الطرف الفلسطيني».
وتتضمن المطالب الإسرائيلية للترتيبات الأمنية، بحسب «معاريف»، التجريد الكامل للدولة الفلسطينية من السلاح (لا سلاح ثقيلاً، لا مدرعات، لا مدافع، لا صواريخ أو سلاح جو، وحظر الأحلاف العسكرية بين الدولة الفلسطينية والدول الأخرى، ومحطات إنذار مبكر إسرائيلية على ظهر الجبل ووجود للجيش الإسرائيلي على طول نهر الأردن ووجود إسرائيلي في معابر الحدود، واستمرار السيطرة الإسرائيلية على المجال الجوي، وحق وصول إسرائيل إلى محاور السير العميق في الضفة).
وأوضحت الصحيفة أن الإدارة الأميركية الحاليّة تتسلى بفكرة خلق «وثيقة جسر» تصدر عن بوش ويقبل بها أيضاً الرئيس المقبل وتصبح إرث بوش وكوندوليزا رايس وصيغة التسوية المستقبلية.
وأشارت «معاريف» إلى أن واحداً من المرشحين للرئاسة الأميركية بعث رسائل إلى الرئيس السوري بشار الأسد وإلى محمود عباس، مضمونها: واصلوا المفاوضات مع إسرائيل، كل تقدم سيلقى الترحاب، أنا معني بالانقضاض على النزاع فور تسلمي مهام منصبي وكلما كانت المفاوضات في مرحلة متقدمة أكثر، يكون هذا أفضل.
وفي السياق، أشارت «معاريف» إلى أن «أولمرت معني بأن يتوصّل إلى اتفاق مبادئ مع أبو مازن، يتضمن كل المسائل الجوهرية، بما فيها الحدود الدائمة واللاجئون، وأيضاً القدس»، مشيرة إلى أن «القدس طُرحت في المحادثات بين أولمرت وأبو مازن، على أساس مبدأ عاصمتين في المدينة، للشعبين».
وذكرت الصحيفة أن أولمرت اقترح على أبو مازن «الاعتراف بأن الأحياء اليهودية في المدينة تبقى ضمن السيادة الإسرائيلية، بينما تنقل الأحياء العربية إلى السيادة الفلسطينية، في حين أن المواقع المقدسة، بما يشمل الحرم القدسي وجبل الزيتون، يؤجّل الحسم بشأنها وإدارتها من هيئة تشارك فيها إسرائيل والفلسطينيون، إلى حين الوصول إلى حل وسط بشأنها».
ولجهة اللاجئين الفلسطينيين، نقلت الصحيفة عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن أبو مازن «يطالب بعودة مئة ألف فلسطيني من لبنان في غضون عشر سنوات، إلا أن أولمرت يرفض هذه الأرقام، ووافق على عودة 1500 فلسطيني كل عام، لمدة عشر سنوات، أي ما يصل إلى 15 ألفاً، على ألّا تكون العودة مرتبطة بجمع شمل العائلات، بل في إطار الاعتبارات الإنسانية».
وفي إطار «حسن النيات» تجاه أبو مازن، قررت الحكومة الإسرائيلية، أمس، الإفراج عن 200 أسير فلسطيني. وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن القرار عارضه وزراء حركة «شاس» والوزير شاؤول موفاز، وسيعقد اليوم الاثنين اجتماع بين أولمرت واللجنة الوزارية لإقرار أسماء الأسرى. وأكدت المصادر أن الحديث هو عن بعض الأسماء التي أمضت داخل السجون أكثر من 25 عاماً.
إلى ذلك، أعلن مسؤول في السلطة الفلسطينية، أمس، أن رايس ستلتقي محمود عباس في رام الله في الخامس والعشرين من الشهر الجاري لبحث التطورات المرتبطة بالمفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وفي السادس والعشرين من آب، تلتقي رايس وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات.
وكان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد ولش، قال أول من أمس إن الأهداف التي سبق أن أعلنتها الولايات المتحدة بشأن التوصل إلى اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين في نهاية العام الجاري لم تتغير، وإن رايس ستتوجه إلى المنطقة قريباً، معرباً عن اعتقاده بأن الفرصة لا تزال سانحة لتحقيق بعض الإنجازات.
غير أن ولش استبعد انعقاد مؤتمر السلام الذي كانت روسيا قد أعلنت استضافتها له إثر انتهاء مؤتمر أنابوليس، وقال إن «الأحداث الأخيرة ألقت بظلال من عدم الرغبة لدى المجتمع الدولي في ظل تصرفات موسكو الأخيرة »، في إشارة إلى الصراع العسكري بين روسيا وجورجيا.