محمد بديرانبرى وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، للدفاع عن نفسه حيال ما أورده المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، مارتن إنديك، في كتاب له عن أداء باراك خلال مفاوضات «شيبردز تاون» مع سوريا عام 1999.
وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» قد نشرت الأسبوع الماضي مقاطع من الكتاب الذي سيصدر مطلع العام المقبل ويسرد فيه إنديك وقائع وتفاصيل التفاوض الذي شهده المنتجع السياحي في غرب ولاية فيرجينيا. وبحسب العرض الذي يقدمه إنديك، فإن باراك، الذي شغل في حينه منصب رئيس الوزراء، اتسم بالتردد والخشية من اتخاذ أي خطوة جوهرية في ضوء الوضع غير المستقر لحكومته وزعامته، وسعى إلى إطلاق مسار تفاوضي مستديم، مبتعداً عن التطرق للقضايا الجوهرية رغم وضوح السوريين في مطالبهم.
وووصف باراك، في مقال مطول نشرته «يديعوت أحرونوت» الجمعة، تسلسل الأمور الذي أورده إنديك بأنه «جزئي وخاطئ ومضلِّل». وارتكز باراك في مرافعته الدفاعية على القول إن الاتصالات التي أدت إلى «شيبردز تاون» جرت مباشرة بينه وبين الرئيس الأميركي السابق، بيل كلينتون، وأنها أفضت إلى الاتفاق على ثلاثة مبادئ:
ـــــ الأول، «وديعة رابين» الذي شدد باراك على أنه كان شريكاً في بلورتها خلافاً لما أورده إنديك وجاء فيه أنه لم يكن مطلعاً عليها وأعرب عن رفضه لها.
ـــــ الثاني، عدم التوصل إلى اتفاق على الحدود وتعريف «خط الرابع من حزيران» قبل اتضاح كيفية حل المسائل الأخرى «كالترتيبات الأمنية ونزع السلاح والإنذار المبكر والمياه والتطبيع والارتباط السلمي مع لبنان». وأشار باراك في مقالته إلى أنه كان، ولا يزال، يرى أن منح سوريا الاعتراف الإسرائيلي بخط الرابع من حزيران قبل بلورة آليات حلول المسائل المذكورة سيفقد تل أبيب الرافعة التي تمكنها من الحصول على مطالبها في هذه المسائل.
ـــــ الثالث، أن يكون التفاوض مع السوريين مباشراً وعلى مستوى رفيع، و«بعيداً عن عين الإعلام وأذنه».
وأوضح باراك أنه طلب من كلينتون في لقاءاته المباشرة معه ثلاثة أمور: منح رعايته النشطة لجولة التفاوض المرتقبة مع السوريين، والعمل على توفير دعمٍ اقتصاديٍ للجانب السوري وأمنيٍ لإسرائيل، و«بشكل أساسي توفير شروط لمباحثات سرية ومغلقة على مدى أسبوعين، كما فعل الرئيس (جيمي) كارتر في المفاوضات بين (أنور) السادات و(مناحيم) بيغين قبل عشرين عاماً».
ووافق كلينتون، بحسب باراك، على المبادئ الثلاثة، وأبلغه أنه تم اختيار «شيبردز تاون» لإجراء المفاوضات، حيث ستتخذ تدابير كافية لتكون مغلقة وبعيدة عن الإعلام. ويروي باراك أنه لدى توجهه إلى البلدة الأميركية، «فوجئ عندما عرف من الوفد الإسرائيلي الذي سبقه إليها أنها «فتحت أمام وسائل الإعلام وأن أعضاء الوفود من الجانبين يلتقون مع الصحافيين في مقاهي الشوارع الرئيسية للبلدة».
وبحسب باراك، فإنه شعر بغضب وإحباط كبيرين إزاء ذلك، لكنه قرر المضي في المفاوضات، لأن ما كان على المحك هو «وقار الولايات المتحدة ورئيسها». ويضيف: «عنواني كان رئيس الولايات المتحدة، لا مارتن إنديك الذي انتظر في المطار ولا يعرف الصورة الكاملة. قلت لمارتن ما هو بديهي، وهو أنه لن يكون من الممكن في هذه الأجواء إجراء مفاوضات والتوصل إلى نتائج. فإن دخلنا في مفاوضات جدية، فإنها ستتسرب إلى الإعلام، وإن لم نتوصل إلى اتفاق كامل فستتشوش المفاوضات وسيُظهر التسريب كل طرف في صورة المغفل وسيكون الانهيار مسألة لا يمكن منعها».
ويبرر باراك المقاربة التي اتبعها خلال المفاوضات في ظل ذلك بأنه اختار «محاولة التغلب على هذا الواقع الخطير من خلال تأجيل النقاش عن خط الحدود حتى آخر المباحثات. أي فقط بعد أن تنضج الظروف ويتم الاتفاق على المسائل الأخرى المطروحة. إلا أن السوريين طبعاً رفضوا وحاولوا إجراء المداولات حول الحدود في البداية». ويختم باراك بالتشديد على أن «الانطباع وكأن كل شيء قد حل وأنه لم يكن ينقص إلا قرار حاسم نهائي هو انطباع مضلل جداً. لم تكن هناك لحظة تاريخية كهذه في شيبردز تاون. مطلب الأسد الأب الأساسي لم يتغير: قبول شروطه الأساسية للحل، وعلى رأسها خط الرابع من حزيران قبل أن تعرف إسرائيل ما الذي ستحصل عليه في المقابل».