معاريف ــ جاكي خوجيفي الوقت الذي يتبادل فيه وزير الدفاع إيهود باراك ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني الضربات والتراشق الكلامي بينهما عن منفعة وفائدة قرار الأمم المتحدة 1701، يواصل حزب الله بناء قوته السياسة في لبنان وترسيخها. الاهتمام في النقاش الشعبي الإسرائيلي يميل إلى إعطاء وزن كبير، وتحديداً لترسانة حزب الله، وتهميش التطورات التي تعصف في لبنان داخلياً. صحيح أن الصواريخ الروسية المتطورة المضادة للطائرات قد تحدث تغييراً سيئاً في صورة المعركة إن وصلت إلى أيادي حزب الله. ولكن خلافاً لـ«فتح» التي تراجعت في المعركة في مواجهة الجيش الإسرائيلي واقتلعت من لبنان، حزب الله منغرس في المجتمع اللبناني بصورة عميقة. وجوده لا يرتكز على السلاح وحده، وازدياد قوته العسكرية هو عامل هامشي في بناء قوته. الأهم منه هو تعاظم قوته سياسياً.
مع مرور الوقت، ينجح نصر الله ومن حوله في توسيع دائرة أنصارهم ودق وتدٍ أكثر عمقاً في مراكز القوة الاجتماعية. الآن بعدما اجتازوا الحرب ونجحوا في إسقاط حكومة فؤاد السنيورة المؤيدة لأميركا، ألّف نصر الله وأعوانه حكومة حسب رؤيتهم وطابعهم. هذه الحكومة التي تألفت بموافقة من حزب الله وباتفاق معه ويشارك فيها ممثلون عنه، صادقت يوم الثلاثاء الماضي على برنامجها الذي ينص في بنده السادس والعشرين على ما يلي: «حق لبنان بشعبه وجيشه ومقاومته بتحرير أو استعادة مزارع شبعا المحتلة وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر وبالدفاع عن لبنان ضد أي عدوان وبالتمسك بحقه في مياهه بكل الوسائل المشروعة الموجودة بأيديهم».
معنى هذا البند واضح: العمليات ضد إسرائيل تصبح من الآن سياسة رسمية للحكومة اللبنانية. كل المطالب التي طرحها المعسكر المعتدل في لبنان على حزب الله عشية الحرب وبعدها على وجه الخصوص، عندما مر في حالة ضعف مؤقتة، قد تم سحقها. الجدل في نزع سلاح حزب الله لم يعد سارياً أو مؤثراً كما كان. بات من حقه من الآن فصاعداً، بل ومن واجبه أن يخرج في صراع ضد إسرائيل بدعم سياسي ودستوري.
مع مرور عامين على اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، سُحب إنجاز جديد من إسرائيل كانت قد سعت لتسجيله في تلك المعركة: إضعاف حزب الله. إن من يسعى إلى لمس بقوة حزب الله ملزم بأن يتذكر أن هذه القوة لم تترسخ من خلال القوة العسكرية وحدها. يجب من الآن التعامل مع حزب الله باعتباره دولة، وعلى من يريد أن يضعفه، يحسن صنعاً إن أضاف إلى استراتيجيته العسكرية اعتبارات دبلوماسية ومدنية واقتصادية.