انعكست التغيرات في ميزان القوى على أداء المؤسسات السياسية في بلاد الرافدين. فبعد عجز البرلمان عن حسم أزمة قانون الانتخابات، يبدو أن «المجلس السياسي للأمن الوطني» فقد أيضاً قدرته المرجعية والتمثيلية
بغداد ــ زيد الزبيدي
ترى قوى سياسية عراقية عديدة أنّ اقتراح «لجنة الأقاليم» في مجلس النواب إحالة القضايا الخلافية في قانون الانتخابات المحليّة إلى «المجلس السياسي للأمن الوطني»، يمثّل عودة إلى نقطة الصفر، لأن ذلك المجلس، حاله حال «المجلس التنفيذي» المكون من رئيس الجمهورية ونائبيه ورئيس الوزراء، لم يتوصل إلى أي توافق أو قرار بهذا الشأن منذ أشهر.
وبحسب النائب المستقل، عز الدين الدولة، فإن هذه المجالس أصبحت فاقدة للصلاحية، وخاصة «المجلس السياسي للأمن الوطني» الذي كان مكوّناً من رؤساء الكتل السياسية وممثليها قبل أن ينفرط عقدها، وبالتالي بات يفترض إعلان حلّه برأي عدد من المراقبين «لأنه أصبح يمثل إرادة بعض الأحزاب» فقط.
ورأى الدولة أنّ الدعوة إلى إعادة قانون الانتخابات إلى المجلس السياسي «غير متوازنة وتفتقر إلى الحنكة السياسية، وتتجاهل قرار مجلس النواب»، الممثل الأعلى للإرادة الشعبية كما يُفتَرضَ أن يكون.
ولم يفت الدولة التذكير بأنّ «العملية الديموقراطية تؤكد ضرورة اتخاذ القرارات تحت قبة البرلمان، ولا ينبغي أن نختزل كل العراق ببعض الشخصيات في المجلس السياسي للأمن الوطني».
كذلك، أشار خبراء قانونيون إلى أن قادة الكتل السياسية لا يحقّ لهم، أدبياً على الأقل، أن ينقضوا ما توصلت إليه «هيئة التحكيم» التي اختاروها (البرلمان)، وإعادة قرار أعلى هيئة تشريعية في البلاد إلى مجلسٍ قراراته استشارية فقط وغير ملزمة.
كذلك، لفت محللون سياسيون إلى أن المجلس السياسي للأمن الوطني، لم يعد له أي صفة تمثيلية، إذ إنّ تطوّرات العام الجاري غيّرت الخريطة السياسية في العراق المحتلّ.
ويشدد المراقبون على أن إعلان انتهاء أو تضاؤل مرحلة الاحتقان والفرز الطائفي وبروز قوى سياسية واجتماعية جديدة على الساحة العراقية، ينبغي أن ينعكس على المستويات العليا، أي على مراكز القرار والمؤسسات السياسية الكبرى في الدولة، التي بنيت في المرحلة السابقة على محاصصات طائفية.
فـ«الائتلاف العراقي الموحّد» الحاكم، لم يعد موحداً، وحتى مكوّنه الأكثر تماسكاً وهو «المجلس الإسلامي الأعلى» شهد بعض التفكّك، حيث صوّت العديد من النواب المحسوبين عليه، وخاصة نواب «منظمة بدر»، لمصلحة قانون الانتخابات في جلسة 22 تموز الشهيرة، رغم موقف المجلس الأعلى المعارض.
كذلك، أصبحت كتلة «جبهة التوافق» مجزّأة، فضلاً عن ظهور «مجالس الصحوات» منافساً لا يستهان به على الساحة السنيّة.
وبالتالي يصبح وجود المجلس السياسي للأمن الوطني بمثابة ممثّل عن جسم سياسي غير موجود أصلاً، بحيث إن أعضاءه لا يمثلون إلا جزءاً بسيطاً من القوى العراقية.
وبالإضافة إلى القوى الجديدة التي برزت خلال العامين الماضيين، وغير الممثلة في المجلس، فإن غالبية نواب «التوافق» و«الائتلاف» غير ممثلين فيه أيضاً بعد انفصالهم عن كتلهم، كذلك التيار الصدري لا يُدعى عادة لحضور اجتماعاته، فيما تعيش الساحة الكردية حراكاً سياسياً يضع علامات استفهام على مستقبل الحزبين الكرديين الرئيسيين.
ويبرز الخلل أيضاً من خلال تصريحات عدد من المسؤولين الأكراد بأن «التحالف الكردستاني» هو بصدد إعادة النظر في تحالفاته القديمة والبحث عن تحالفات جديدة، بعد ثلاثة أعوام من سيطرة تحالف «الائتلاف» مع «الكردستاني» على القرار السياسي في الحكومة والبرلمان.