رئيس الحكومة يسترضي وزير دفاعه بعدما غازل نتنياهو وطالب بـ«حكومة طوارئ»

يقف الائتلاف الحكومي الإسرائيلي على شفا أزمة الموازنة الجديدة، التي وصلت إلى حدّ تهديد إيهود أولمرت وزير دفاعه إيهود باراك بالإقالة، ما استدعى لقاءً عاجلاً بينهما أعقب دعوة الأخير إلى تأليف حكومة طوارئ

حيفا ــ فراس خطيب
يحاول رئيس الوزراء إيهود أولمرت هذه الأيام، حشد التأييد لموازنة الدولة العبرية لعام 2009، التي ستطرح أثناء جلسة الحكومة يوم الأحد المقبل، وسط معارضة حزب «العمل»، الشريك الأكبر في الائتلاف الحاكم. وكانت كتلة «العمل» قد أقرَّت أول من أمس عدم التصويت لمصلحة الموازنة. وقال رئيس الكتلة، إيتان كابل، إن المباحثات حول الموازنة «ستحسم ما إذا كانت ستتألف حكومة بديلة أم أننا ذاهبون إلى الانتخابات».
وفي السياق، نشرت المراسلة السياسية للقناة الإسرائيلية الأولى، أيالا حاسون، خبراً مفاده أنَّ أولمرت يفكر بإقالة باراك في أعقاب الخلافات الأخيرة داخل الحكومة. وبحسب حسون، فإنّ أولمرت يرى أن باراك هو «السبب الأساسي لهذه الأزمات، ويعمل في السياسة بدلاً من الأمن». إلا أنَّ مكتب رئيس الحكومة نفى أن تكون هناك نيّة لإقالة باراك، حتى ولو عارض «العمل» الموازنة، وهو ما يتناقض مع ما عاد وأكّده مقرّبون من أولمرت لجهة القول إنَّ «خيار الإقالة مطروح».
أمّا حزب «العمل»، فجاء ردّه قاسياً، إذ رأى أنّ تسريبات الإقالة هي «وصفة أكيدة لتقصير فترة ولاية أولمرت» كرئيسٍ للحكومة و«كديما» كحزب حاكم.
وعن جوهر معارضة حزب باراك للموازنة، فإنّه سبق له أن تبنّى اقتراح رئيس اللجنة المالية في الكنيست افيشاي برفرمان (العمل) والذي يكلّف الحكومة زيادةً في مصروفاتها. وقرّرت الكتلة إيجاد جبهة موحدة ضد الموازنة تضم «شاس» وحزب «المتقاعدين»، إضافة إلى وزير المواصلات شاؤول موفاز.
ويعارض وزير الدفاع الموازنة العامة بسبب تقليص موازنة وزارته (الدفاع). وعلى هذا الصعيد، قال باراك، خلال اجتماع لحزبه، «خسارة أنَّ البحث في الحكومة، الذي يفترض أن يتطرق إلى جوهر القضية الأمنية في سياق الموازنة، تحوّل إلى نقاش حول حرب لبنان الثانية ونتائجها لخدمة مصالح كديما الحزبية»، رافضاً «وضع المعضلة في الموازنة بين الأمن والرفاه».
وعلى خلفية الأوضاع الداخلية المتوترة، التقى أولمرت وباراك بشكل عاجل في محاولة لإنهاء الأزمة بأقل خسائر ممكنة. وعن فحوى اللقاء، اعترف الوزير العمالي شالوم سمحون، للإذاعة العامة، بأن الاجتماع خُصِّص لمعالجة التوتر الحاصل بين الحزبين، واصفاً إياه بأنه كان «جيداً وخلق مساراً لإجراء محادثات لحل الخلاف».
في هذا الوقت، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن باراك دعا إلى تأليف «حكومة طوارئ» تضمّ رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو في ظل «التحديات والملف النووي الإيراني».
تحدّيات عاد باراك واختصرها بـ«الخطر الإيراني»، قائلاً «إن مجمل التحديات الماثلة أمام دولة إسرائيل، وبينها التهديدات من جانب إيران، والتي تم تأكيدها أول من أمس من خلال إطلاق قمر اصطناعي، تحتم علينا تأليف حكومة طوارئ وطنية واسعة، فإيران تقترب على ما يبدو من العتبة التكنولوجية».
ونقلت الصحيفة عن مصادر في حزب «العمل» قولها إنّ دعوة باراك هذه «ناجمة عن وضعه السياسي الصعب وتدني شعبيته في استطلاعات الرأي».
وفي هذا السياق، لفت سمحون إلى أنّ «الشيء الأخير الذي يريده باراك هو الانتخابات، وهو سيفضل أيّ حكومة شريطة عدم الذهاب إلى انتخابات».
يُذكر أنّ نتنياهو لا يزال يعارض تأليف حكومة طوارئ أو وحدة، وهو شدّد أخيراً على أنه لا يعتزم الانضمام إلى حكومة برئاسة «كديما» أو «العمل».


أظهر استطلاع للرأي أجرته مديرة معهد «داحف» مينا تسمخ والقناة الثانية، أنّ وزيرة الخارجية، تسيبي لفني، ستهزم خصمها في الجولة الأولى من انتخابات حزب كديما المقررة في أيلول المقبل وأنها ستحصل على نسبة 40 في المئة المطلوبة من دون الحاجة إلى دورة ثانية.


«الموضوع السوري وتسلُّح حزب الله وحماس والمفاوضات مع الفلسطينيين وتسونامي التباطؤ الاقتصادي والفقدان العميق لثقة الجمهور بالمؤسسة السياسية في إسرائيل، هذه التحدّيات الماثلة أمامنا والفرص السانحة أيضاً، تلزمنا بتأليف حكومة طوارئ وطنية».


قال مقرّبون من رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت إن «ثمة جهات سياسية، مثل حزب العمل وحركة شاس، تريد تحقيق إنجازات قطاعية على حساب المالية العامة. هذه حرب، ونحن مصمّمون على الانتصار فيها داخل الحكومة وعلى المستوى العام».


الحرب المقبلة ستدخل كلّ بيت

زار رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، أمس، قيادة الجبهة الداخلية وتطرق إلى التهديدات المستقبلية التي تحدق بدولة إسرائيل. وقال «لن يكون هناك وضع تدور فيه الحرب في ساحة مجهولة وبعيدة بينما تبقى الحياة في المدن الكبرى تسير كالمعتاد». ورأى أولمرت أن الحرب «ستصل أيضاً إلى مدن وبيوت مواطني إسرائيل، فأعداؤنا يتزوّدون بالأدوات التي تهدف إلى المس بالسكان». وتابع رئيس الوزراء مشيراً إلى أنّ «دولة إسرائيل لا تتطلع من جانبها إلى احتلال أراض بهدف الاحتفاظ بها، وستركز على منع اختراق حدودها وعلى الحسم السريع والجليّ قدر الإمكان للمعركة». واستعاد أولمرت تجربة حرب لبنان، ورأى أنه حينها «كانت لدينا أدوات وقدرات أكثر فعالية امتنعنا عن استخدامها لأننا قاتلنا ضد تنظيم إرهابي لا ضد دولة».
وفي السياق، لفت إلى أنه «في حال تحوّل لبنان إلى دولة حزب الله، لن يكون لنا أي قيود. هكذا هي طبيعة الأمور بالنسبة إلى كل دولة تريد مهاجمتنا. سيكون علينا تحقيق حسم سريع، بالحد الأدنى من الأثمان، مع استغلال المزايا النسبية التي لدينا».
يُذكَر أنّ أولمرت سبق له أن كشف في أكثر من مناسبة عن أنه يقدّر أن تدور الحرب المقبلة التي ستخوضها إسرائيل في عمق الجبهة الداخلية المدنية للدولة العبرية.
(الأخبار)