حسام كنفانيلم يعد بإمكان حركة «فتح» أن تخفي مشكلاتها الداخلية، التي كانت تتسرّب إلى السطح مع كل حدث فلسطيني، سواء بالنسبة إلى المفاوضات مع إسرائيل أو العلاقة مع حركة «حماس». الظهور الأخير للخلافات كان مطلع الشهر الجاري مع حملة الحركة الإسلامية الحاكمة في قطاع غزّة على آل حلّس، وانتقال بعضهم إلى الضفة الغربية.
الانتقال كان من الممكن أن يكون سلساً، لو لم تكن أريحا وجهة «المبعدين» عن قطاع غزّة. إلا أن الخلافات التي كانت ولا تزال بين زعيم العائلة، أحمد حلس، والقيادي في «فتح»، محمد دحلان، حالت دون الانتقال إلى رام الله. خلافات، وإن سعى دحلان إلى نفيها، إلا أن أفراد العائلة الموجودين في قطاع غزّة كشفوا عنها، معربين عن مخاوفهم على سلامة أبنائهم من «عمليات انتقام» فتحاوية في أريحا.
هذه قد تكون عينة من العلاقات داخل حركة «فتح»، التي لم تعد حكراً على القيادات، بل وصلت إلى الرئاسة، إذ تؤكّد مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أن حالة توتر شديد تعتري العلاقة حالياً بين أبو مازن وكوادر حركة «فتح»، على خلفية قضايا عديدة.
وتشير المصادر نفسها إلى حال «فوضى شاملة داخل فتح». فوضى ناتجة خصوصاً من «عدم وجود مرجعية موحّدة مقبولة من غالبية الفتحاويين، ولا سيما مع أفول دور اللجنة المركزية والمجلس الثوري للحركة».
الأزمة بين أبو مازن وكوادر «فتح» ناتجة أساساً من تملّص الرئيس الفلسطيني من الوعود التي كان أبلغها لمسؤولي الحركة في الآونة الأخيرة؛ فالحديث عن تعديل في حكومة سلام فياض جرى قبل أشهر، وكان من المفترض أن يكون «مسألة أيام»، إلا أن أي تعديل لم يجر، الأمر الذي أثار نقمة قادة «فتح».
يضاف إلى ذلك غياب أي حديث عن عقد المؤتمر السادس لحركة «فتح»، التي كان من المفترض بحسب التسريبات أن يعقد الشهر الجاري. وتشير المصادر إلى أن «الوعود ذهبت أدراج الرياح لعدم رغبة أبو مازن حالياً في عقد المؤتمر قبل تحصين نفسه داخل الحركة».
ملف الخلاف الثالث يكمن في مفاوضات التسوية، التي لا يزال عباس يخوضها رغم غياب الأفق. وتؤكّد المصادر أن كوادر «فتح» دأبوا على تحذير الرئيس الفلسطيني من تأذّي القواعد الشعبية للحركة من أجواء المفاوضات الحالية.
وتوضح المصادر أن التوتر انعكس «معركة بين أطراف فتح وحكومة سلام فياض، ولا سيما بشأن الوضع في غزة». إذ بعد أحداث القطاع الأخيرة والمعارك مع آل حلّس، ظهرت أصوات «فتحاوية» تطالب بـ«غسل أيدي السلطة من القطاع ووقف تحويل الأموال إلى الموظفين الحكوميين هناك، ودفعهم إلى الانفجار في وجه حكومة إسماعيل هنية»، وخصوصاً أن 56 في المئة من موازنة رواتب موظفي السلطة تحوّل إلى القطاع.
وتشير المصادر إلى أن فيّاض أعرب عن استيائه من الحملة على الحكومة، وعمد إلى سياسة هجومية عبر طرح فكرة الحكومة الانتقاليّة والانتخابات وقوات عربية في القطاع.