استقطاب استثمارات في قطاعات إنتاجية في المناطقمحمد وهبة
في شباط عام 2007 رفع رئيس مجلس إدارة مؤسسة تشجيع الاستثمارات في لبنان «ايدال» نبيل عيتاني إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء مشروع إقامة مناطق اقتصادية متخصّصة في لبنان لتسويق المشاريع الممكنة فيها وجذب الاستثمارات إليها، وذلك انسجاماً مع التطوّرات العالمية والإقليمية في استقطاب الاستثمار وتحقيق أهدافه. ويتوافق هذا المشروع مع الأهداف التي وضعتها الحكومة اللبنانية بعد حرب تموز في صيف عام 2006 في البرنامج الإصلاحي الذي قدمته إلى مؤتمر باريس ـ3 بعناوينه الثلاثة: زيادة نسب النمو، زيادة حجم الاستثمارات في لبنان، خلق فرص عمل.
فقد تبيّن بحسب مسودة المشروع أن للبنان إمكانات كامنة لا يستفيد منها في الوقت الحالي بسبب عدم تسويق الاستثمارات الممكنة وتركّزها في قطاعات محددة وهي غير مربوطة بالتطوّر التكنولوجي أو بالقطاعات الطارئة عالمياً إلى جانب وجود تجارب مشجعة في هذا المجال في بلدان العالم، ولا سيما في الهند والسعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة...

خمس مناطق

وتقترح مسودة المشروع بعد المعلومات الأوّليّة التي جمعتها «ايدال» إقامة خمس مناطق اقتصادية متخصصة في لبنان، إذ إن هناك خمسة قطاعات رئيسية في لبنان تحتاج إلى الدعم، علماً بأن تطويرها يسهم بشكل فاعل في تحقيق برنامج الحكومة التنموي.
وتتوقّع «ايدال» أن تُوضع هذه المناطق الخمس في خدمة خمسة قطاعات إنتاجية وخدماتية على أن تنشأ في خمس مناطق مختلفة ديموغرافياً، وذلك بحسب الدراسة الخاصة بكل قطاع وما تتطلّبه الظروف والإمكانات الأفضل لتنفيذه، وهي كالآتي: منطقة إعلامية متخصصة، منطقة تكنولوجية، منطقة للصناعات الخفيفة، منطقة للصناعات الزراعية (كل ما يتفرّع من الصناعات الغذائية)، منطقة للعناية الصحية. ولا تحصر مسودة المشروع عدد المناطق الاقتصادية في لبنان بخمس، فهو اقتراح أولي يشير إلى المعطيات التي توافرت لديه، ويلفت إلى أن «دراسة إقامة المناطق الاقتصادية المتخصصة» ستحدّد ما هي القطاعات التي يمكن لبنان أن يستقطب فيها استثمارات وذلك بناءً على دراسة مختلف المناطق اللبنانية وقدرات كل منها ومدى انسجامها والإمكانات الكامنة، وبالتالي ستحدد نتيجة الدراسة عدد المناطق وهويتها الاقتصادية ــ الاجتماعية.

أعمال ناشئة

وتتوزّع هذه المناطق على قطاعات الإعلام والتكنولوجيا والصناعة والزراعة والخدمات، فالمعطيات الأولية تفيد أنه يمكن لبنان جذب استثمارات كبيرة من هذه القطاعات التي تمثّل قيمة مضافة في الاقتصاد. وهناك كثير من الأعمال الناشئة من هذه القطاعات ستنمو وتتطوّر مثل كل ما يتصل بصناعة الإعلام مثل إنتاج أفلام سينمائية ووثائقية، مركز إعلامي إخباري، إنتاج مسلسلات تلفزيونية...، وأيضاً بالنسبة إلى المنطقة التكنولوجية التي تستوعب إقامة مراكز اتصالات وبيع وصيانة إقليمية وحتى مراكز تخزين...، وبالنسبة إلى قطاع الصناعات الخفيفة يمكن عمليات التجميع الإلكترونية والكهربائية أن تكون جزءاً من هذا الأمر وتصنيع الجواهر والحلى والأعمال الفنية...، كما سيستقطب قطاع الصناعة الزراعية كل ما يتعلق بالصناعات الغذائية ابتداءً من الزراعة وانتهاءً بكيفيّة تصنيعها، وسيتضمّن قطاع العناية الصحيّة مراكز استشارات طبيّة ومراكز متخصصة بالجراحة والعلاج الفيزيائي ومراكز فندقية بمواصفات صحيّة وغيرها.
ويتضمّن إنشاء هذه المناطق المتخصصة حوافز تشجيعية يستفيد منها المستثمرون، وأبرزها إعفاءات ضريبية، بنية تحتية خاصة بكل قطاع يجري إنشاؤه، مجلس إدارة خاص بكل قطاع لمنح التراخيص والتسهيلات اللازمة وتسيير شؤون كل منطقة.

دراسة السوق والقدرات

وستقوم «ايدال» بتنفيذ هذا المشروع بعد تلزيم استشاري مهمّته تحديث المعطيات الأولية التي لديها وذلك بعد إجراء دراسة للسوق تكون موجّهة إلى خمسة قطاعات حيوية مناسبة للنمو الاقتصادي، على أن يبني الاستشاري دراسته وفق الأهداف التي وضعتها الحكومة اللبنانية لتماهى القطاعات الخمسة مع هذه الأهداف، ويجب عليه تزويد «ايدال» بتحليل SWOT، وهو عبارة عن دراسة لتحديد مكامن القوة والضعف والفرص والمخاطر المتصلة بإطلاق كل مشروع فضلاً عن أهدافه والتعرّف إلى مجمل العوامل الداخلية والخارجية المناسبة وغير المناسبة لتنفيذه. وستكون لكل منطقة دراسة سوق خاصة بها تحدّد الشكل الأنسب لكل المشاريع الممكن القيام بها ضمن القطاع إضافةً إلى الشكل التشريعي المناسب...
وباختصار، تتلخص مهمات «ايدال» بتحضير الأمور الإدارية الخاصة بالتحضير للأرضية المناسبة لانطلاق المشروع وإطلاق المزايدة الخاصة بتلزيم مجموعة من الاستشاريين وإنشاء مجلس الإدارة الخاص بكل منطقة الذي سيقوم بتنفيذ مختلف أجزاء المشروع التفصيلية.

استراتيجية تنموية

وبحسب التجارب المعروفة في هذا المجال فإن هذه المناطق تستقطب استثمارات نوعية مصدرها الاستثمار الأجنبي المباشر، فالصادرات الهندية تأثرت إيجاباً بعدما أُنشئت مناطق اقتصادية متخصصة فيها ويُتوقع أن تنتج من هذه المناطق استراتيجية لتنمية الصادرات الصناعية المتخصصة مثل وحدات الإنتاج المخصصة للتصدير، مناطق تصدير التكنولوجيا المعلوماتية، مناطق تصدير التكنولوجيا بالتجزئة...
وقد أصبح هذا النوع من المشاريع «دارجاً» في العالم، ولا سيما في الدول العربية، فقد قام به الأردن في خليج العقبة، وبلغ عدد المناطق المتخصصة في السعودية في عام 2006 ستّ مناطق اقتصادية، وتستخدمها إمارة أبو ظبي لجذب الأعمال التجارية الأجنبية، وفي سوريا درست الهيئة العامة للسياحة تسويق مناطق سياحية في بلودان وغيرها...، وفي مصر تقرر في عام 2006 إقامة مناطق صناعية متخصصة في أنحاء البلاد، وتركيا واليابان والصين...


1٫150 مليون دولار

هي الكلفة الأولية المذكورة في مسودة مشروع «ايدال» لإنجاز المرحلة الأوّلية من المناطق الاقتصادية المتخصصة والتحضيرات الخاصة بإطلاق دراسة السوق والدراسة الاكتوارية للمشروع وتشمل كلفة التلزيم وإدارة المشروع وكلفة الخبراء


مشاريع في الأدراج!