أوميديا - أريئيل كوهينيمكن للشرق الأوسط وإسرائيل استخلاص عبَر مهمة من حرب القوقاز في جملة من الأمور، منها إدارة العمليات العسكرية والحرب الإعلامية وعمليات الحصول على معلومات استراتيجية. بالنسبة إلى إسرائيل، الدروس المهمة التي يمكن استخلاصها من حرب روسيا ــــ جورجيا هي كالآتي:
1. الحذر إزاء الطرف القوي: قوة روسيا الإقليمية هي في حالة تصاعدية. وعلى إسرائيل أن تدرك ذلك ولا تتحرش بروسيا إذا لم يكن هناك ضرورة، ما دامت تدافع بحسم عن مصالحها الأمنية. على الدول الصغيرة التعامل باحترام مع القوى العظمى ذات السلاح النووي. إن عملية استفزازية ضد عدو قوي من الناحية العسكرية، مثل إيران، لا تكون ذات قيمة إلا إذا كان الطرف المهاجم واثق بالنصر، وحينها أيضاً من المحتمل ظهور مفاجآت غير جيدة. وقد استخلص الرئيس الجورجي، ميخائيل ساكاشفيلي، هذه العبرة بنفسه في الحرب الأخيرة.
2. الاعتماد على النفس من الناحية الاستراتيجية: إظهار تأييد من طراز ما أظهرته الولايات المتحدة الأميركية إزاء جورجيا قد يقود إلى مساعدة عسكرية، ولكن ليس بالضرورة. وإذا هوجمت إسرائيل، ليس من المؤكد أن تضطر الولايات المتحدة إلى مساعدتها، وخصوصاً إذا كان المهاجم من ذوي السلاح الردعي، مثل سلاح نووي قادر على ضرب أهداف أميركية. إسرائيل قادرة ويجب أن تعتمد على قوتها الردعية.
3. فشل استخباري: فشلت الاستخبارات الأميركية في كل ما يتعلق بجمع المعلومات وتحليل التهديد الروسي لجورجيا. والأمر صحيح أيضاً إزاء المساعدة الأميركية العسكرية لجورجيا خلال الـ15 سنة الأخيرة، والتي تقدر بنحو 2 مليار دولار. ويجدر ذكر هذه المعطيات عند دراسة التقديرات الأخيرة التي نشرتها الاستخبارات الأميركية في ما يتعلق بالتهديد النووي الإيراني أو إزاء التدريبات غير الناجحة لقوات أمن السلطة الفلسطينية. هذان التقديران يعانيان شوائب أساسية، ويثبتان أن لا بديل من استخبارات بشرية نوعية.
4. القوة الجوية غير كافية: استخدمت روسيا قوات جوية ومدرعات والأسطول البحري الأسود والقوات الخاصة وميليشيات حليفة في حربها ضد جورجيا. استخدام قوة جبارة في مركز ثقل القتال عبر تنفيذ عمليات مشتركة في الجو والبحر والبر يعود ربما إلى القرن العشرين، ولكنه لا يزال ناجعاً. وكان على إسرائيل أن تستوعب هذا الدرس منذ ما بعد حرب لبنان الثانية.
5. مقياس المفاجأة والسرعة لا يزال مهماً: 4000 سنة تاريخ قتال مؤرشف تثبت أن هناك أهمية لعناصر المفاجأة والسرعة في تنفيذ عمليات عسكرية. ومن أجل إنهائها بنجاح، يجب وضع أهداف محدودة وسهلة المنال للحرب. فروسيا قد أنجزت معظم أهدافها في الحرب ما بين يومي الجمعة والاثنين، في الوقت الذي تخرج فيه البرلمانات في أرجاء العالم للاستمتاع بإجازة نهاية الأسبوع. والعالم كله، حتى جورج بوش، كان مشغولاً الأولمبياد.
6. لا للانثناء: ممنوع الانثناء إزاء خسائر ضمن الحدود المنطقية في جانبنا أو إزاء التسبّب بضرر كبير لدى العدو. فلقد خضع الجيش الجورجي تماماً بعدما خسر 100 ــــ 200 جندي. إن جيشاً قوياً جداً، مثل الياباني أو الألماني وحتى حزب الله، كان بإمكانه تحمّل ضرر أكبر بكثير في الأنفس والاستمرار بالقتال.
7. إعلام وحرب نفسية هما الوسيلة الأكثر أهمية: الروس لم يُسقطوا مواقع إنترنت جورجية رئيسية وحسب، بل قاموا أيضاً بتغيير الوضع لمصلحتهم عبر تغيير عناوين الأخبار من «مهاجم ــــ ضحية» إلى «حماية مواطني أوسيتيا من الوحشية الجورجية». أعمال إعلامية مثل هذه هي أيضاً ذات أهمية داخلية لأنها تسهم في رفع الروح القومية.