هدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، بتدمير أي أسلحة حديثة يمكن أن تحصل عليها سوريا من روسيا، وسط قلق إسرائيلي من الانعكاسات السلبية لتطور العلاقات بين دمشق وموسكو على المنطقة
يحيى دبوق
ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، قال للرئيس الروسي دميتري مدفيديف خلال اتصال الأخير به هاتفياً الأربعاء الماضي، أنه «إذا باعت روسيا صواريخ متطوّرة لسوريا، فإن إسرائيل ستضطر إلى تدميرها»، مشيراً إلى أنه «من الأفضل لسوريا أن تركّز على قناة الاتصال التي فتحتها مع إسرائيل من أجل التقدم نحو اتفاق سلام، على أن تبذّر مليارات الدولارات على اقتناء أسلحة، ستضطر إسرائيل في نهاية المطاف إلى تدميرها».
وأكد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، مارك ريغيف، إجراء المحادثة الهاتفية بين أولمرت ومدفيديف، لكنه رفض التطرق إلى مضمونها.
وبحسب «يديعوت»، فإن اولمرت شدد، رغم تهديداته، على أن «الكرة الآن في ملعب سوريا، التي ستجد في إسرائيل شريكاً مستعداً للتوصل إلى سلام معها». ونقلت الصحيفة نفسها عنه قوله، في اجتماعات مغلقة، أنه «لا مصلحة استراتيجية لإسرائيل للقتال في سوريا، ولا يوجد أي اهتمام باحتلال أراض فيها، وإسرائيل ليست راغبة في الوصول إلى احتكاك معها، وثمة رسائل متبادلة بين دمشق والقدس سبقت المحادثات في تركيا، لم تتسرب للعلن، تشير إلى إمكان نجاح المفاوضات». وأشارت «يديعوت» إلى أن «مصادر مقربة من أولمرت تؤكد أن الخطوات الإسرائيلية تجاه سوريا نُسّقت وبأدقّ تفاصيلها مع الرئيس الأميركي جورج بوش، ولدى السوريين فرصة خلال ولايته للعودة بشكل كامل إلى المجتمع الدولي العقلاني».
ووفقاً للصحيفة، فإن أولمرت «القلق للغاية من النيّات الروسية»، اتفق مع الرئيس الروسي على موعد زيارة ينوي القيام بها إلى موسكو في مطلع الشهر المقبل، في محاولة تهدف إلى «إقناع المسؤولين الروس بعدم بيع منظومات صواريخ روسية متطورة لدمشق» من شأنها أن تكسر التوازن في المنطقة.
ومن جهته، قال مدفيديف لأولمرت إنه يعتقد أن على إسرائيل المشاركة في مؤتمر سلام دولي حول الشرق الأوسط تعتزم روسيا عقده في موسكو في تشرين الثاني المقبل.
وفيما اكتفى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بالإعراب عن قلقه، والتشديد على أن «إسرائيل تتابع زيارة (الرئيس السوري بشار) الأسد وانعكاساتها وتراقب باهتمام التطورات في الجانب السوري»، دخل وزير المواصلات شاؤول موفاز على الخط مطلقاً تصريحات متشدّدة رأى فيها أن «سوريا تواصل تهديد إسرائيل بشكل مباشر». وقال موفاز إن إسرائيل «لا تستطيع أن تسمح لنفسها بإدخال سلاح مخلّ بالتوازن والاستقرار إلى المنطقة».
واستبعد مسؤولون سياسيّون إسرائيليون أن تنشر روسيا صواريخ في سوريا. وقالوا إنه «لا يوجد أي احتمال في هذه المرحلة لأن تنشر روسيا في سوريا صواريخ اسكندر هجومية أو أن تبيعها صواريخ اس ـــــ 300 حتى لو كان الحديث يدور عن سلاح دفاعي».
ونقلت «يديعوت» عن هؤلاء المسؤولين قولهم إن «إسرائيل وروسيا تنتهجان خلال السنتين الأخيرتين سياسة هادئة في ما يتعلق ببيع أسلحة ومعونات عسكرية، ورئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف كرّرا تصريحات بأن روسيا لن تبيع سلاحاً يؤدي إلى خرق التوازن».
وقال المسؤولون الإسرائيليون إن اقتراح نشر صواريخ «اسكندر» جاء من جانب الأسد فقط «ولو سمعنا الاقتراح من الروس لكان يوجد في هذه الحال سبب جدي جداً للقلق، لكن عندما يعلن الأسد أنه مستعد لذلك، فإن هذا ليس بالأمر الجدي». وأضافوا أن «الروس دعوا الأسد فقط من أجل إغضاب الأميركيين وهم ليسوا مهتمين فعلاً بإدخال هذه المنطقة في مرحلة عدم استقرار، وإذا اعتقد أحد أن روسيا ستعود إلى فترة الحرب الباردة، فإن الجواب هو لا بتاتاً، بتاتاً».
ورأى المسؤولون أنه «خلافاً للانطباع السائد، فإن الروس يقدرّون كثيراً سياستنا في المسألة الجورجية وحقيقة أننا لم ننجرّ لإطلاق تصريحات ضدهم، وهم يعلمون أن إسرائيل رفضت، رغم الضغوط التي مورست عليها، تزويد جورجيا بسلاح يخل بالتوازن».
من جهة أخرى، عكست تصريحات متباينة لمسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية عدم وضوح في الموقف والتقدير الإسرائيليين حيال الموضوع الروسي. ففيما رجحت مصادر في الوزارة أن تمتنع موسكو عن إدخال أسلحة خطيرة إلى المنطقة، لأنه «خلال السنوات الأخيرة كانت كل من اسرائيل وروسيا مهتمتين بألّا تكسرا ميزان القوى في منطقة تسودها مواجهات عسكرية»، أعلن مسؤول دبلوماسي إسرائيلي لوكالة «فرانس برس» أن «إسرائيل تدرك تماماً أن روسيا قوة عظمى، لكن المشكلة هي أن عودتها إلى الساحة الدولية لا تضمن لها أن تؤدي دوراً بنّاءً في مستقبل الشرق الأوسط، ومن الصعب تصديق حسن نية روسيا عندما يتبيّن، رغم نفي موسكو، أن أسلحة روسية بيعت إلى سوريا ووصلت إلى حزب الله» في لبنان.


«علاقات لا تقتصر على التعاون العسكري»

أعلن رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفدرالية الروسي، ميخائيل مارغيلوف، أمس، أن مصالح روسيا وسوريا المشتركة لا تقتصر على ميدان التعاون العسكري التقني، بل تشمل مجموعة قضايا واسعة كثيرة.
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» عن مارغيلوف قوله، تعليقاً على زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى روسيا، «تعدّ سوريا اليوم إحدى القوى المؤثرة في الشرق الأوسط، وهي تسعى إلى التعاون مع روسيا استراتيجياً». وأضاف أنه لذلك «تضمّن جدول زيارة الرئيس السوري مناقشة مجموعة القضايا التي ترتبط بالأمن في المنطقة وما يتاخمها، بما في ذلك القوقاز».
وقال مارغيلوف إن لدى البلدين حالياً «مشاريع كبرى في مجالات نقل النفط والغاز والطاقة الكهربائية والنقل بالسكك الحديد والطيران المدني». وأضاف أن الحديث عن التعاون العسكري التقني بين الجانبين الروسي والسوري، أول من أمس، اقتصر على العقود التي يجري تنفيذها حالياً.
إلى ذلك، نقلت وكالة الأنباء السورية «سانا» عن مصدر مسؤول نفيه أن يكون الأسد قد وافق على استضافة نظام صاروخي روسي حديث. وأضاف أن «نشر صواريخ إسكندر لم يكن على جدول أعمال المحادثات بين الأسد والرئيس الروسي ديمتري مدفيديف».
وكانت وسائل إعلام روسية قد نقلت عن الأسد قوله إن سوريا مستعدة للتفاوض على نشر صواريخ إسكندر أرض ــــ أرض المتوسطة المدى والقادرة كذلك على الوصول إلى إسرائيل، فيما قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن بلاده مستعدة لأن تبيع سوريا «أسلحة دفاعية لا تخلّ بميزان القوة الإقليمي».
(أ ف ب، يو بي آي)