تعاني المؤسسات التي تحيط ببحيرة القرعون أزمة التلوث الذي يصيب البحيرة، ما يزيد خسائرها ويهدد استمرارية عملها
البقاع ـ أسامة القادري
«من المعيب أن يستمر الوضع على ما هو عليه، فتلوث بحيرة القرعون أصبح فضيحة، وسنغلق مؤسساتنا إن لم تُعالَج مسببات التلوث». بهذه العبارة حاولت سميرة متري أن تختصر معاناة أصحاب المتنزهات والمطاعم والشاليهات المنتشرة في محيط بحيرة القرعون، شاكية أن الأزمات الأمنية والسياسية لم تكن الوحيدة التي أثرت سلباً على الواقع السياحي في منطقة البقاع الغربي، وتحديداً في محيط بحيرة القرعون، إذ إن التلوث زاد خسائر أصحاب المؤسسات المحيطة بالبحيرة.

انتهاكات وتقصير

بحيرة القرعون هي أكبر البحيرات الاصطناعية في لبنان، وتتميز بموقعها السياحي الجبلي والقروي. يجمع أصحاب هذه المتنزهات على أن ما تواجهه هذه المنطقة من تراجع في حركتها السياحية مرتبط بشكل وثيق بما يهدد البيئة من ملوثات تأتي بها الأنهر التي تصب في البحيرة. فقد حوّل «المتطفلون» مياه نهر الليطاني المبتذلة والآسنة، مستغلين الغياب التام لوزارتي السياحة والبيئة اللتين عجزتا عن وضع حد للعديد من الانتهاكات الأخرى، بدءاً من نهر البردوني الذي أتخمته النفايات الصناعية، لتصب في البحيرة، وصولاً إلى الكيميائيات الزراعية العشوائية، وهي الملوث الأكبر للمياه الجوفية التي تجرها الأنهر إلى البحيرة من البقاعين الأوسط والشمالي.
ويتوقع أصحاب المتنزهات أن تضرب هذه الانعكاسات السلبية السياحة في بحيرة القرعون وتوقعهم في خسائر جمة. ويشيرون إلى أن «التهديد الأكبر يأتي من عدم مبالاة المسؤولين عن البيئة والسياحية في المباشرة بإنقاذ الثروة المائية». ويجمع أصحاب هذه المتنزهات، على أن عدم توجه المصطافين إلى المنطقة يعود بشكل أساسي إلى عدم الاعتراف والإعلان أن بحيرة القرعون هي من أهم المناطق سياحياً وتميزاً بالمناخ الجبلي النقي البعيد بسبب بعدها عن المصانع وزحمة السيارات.
لكن علي شرف، وهو صاحب متنزه في محيط البحيرة، يرى أن الحركة السياحية تحسنت بنسبة جيدة ومعقولة بعد إرساء الهدوء الأمني والوفاق الوطني وقيام الحكومة الجديدة. ويشير إلى أن نسبة المهاجرين في منطقة الغربي تتجاوز 60 %، لذلك يعوّل شرف على عودتهم إلى منطقتهم وتشغيل مؤسساتها، فيما يلحظ شرف غياب السائح الأجنبي عن المنطقة و«وخصوصاً السائح الفرنسي الذي اعتدنا زيارته في الأعوام السابقة». وعن الأزمة البيئية التي تعانيها المنطقة يقول شرف: «عندما يأتي الزبون يخاف طلب السمك، معتقداً أننا نصطاد من البحيرة، علماً بأننا امتنعنا عن شراء سمك البحيرة بعدما أكدت نتائج الفحوص المخبرية أن المياه ملوثة».
ويقول وليد خوري، الذي يمتهن تأجير الزوارق الصغيرة في البحيرة: «امتنعنا طوعاً عن اصطياد السمك من البحيرة بسبب التلوث، حيث أصبح يرتكز عملنا على السياح المغتربين والعرب وبعض الفرنسيين الذين يقصدون البحيرة بهدف استئجار الزوارق». ويلفت إلى أن «الحركة عادت أخيراً إلى البحيرة، وأصبحنا نرى بعض السياح العرب».

سيّاح واستجمام

ويشير السائح الفرنسي فرانك مايو إلى أنه قدم إلى لبنان بعدما اتضح له أن الأوضاع الأمنية في لبنان عادت إلى طبيعتها بعد الاتفاق على حكومة جديدة. ويضيف أنه يحب لبنان، وبالأخص هذه المنطقة، ولذلك يقصدها كل عام للاستجمام شهراً كاملاً على الأقل.
أما إلياس إبراهيم الذي يقطن ويعمل في بيروت، فيقول إنه لا يستطيع الاستغناء عن زيارة المنطقة لتميّزها بالهدوء والجو النقي، لافتاً إلى أنه يأتي كل عام ويستأجر شاليهاً قرب البحيرة، مشيراً إلى أنه «أفضل من الشاليهات الساحلية الرطبة».


14

صياداً كانوا يعتاشون من الصيد، فأصبحوا يمتهنون تأجير الزوارق بعد ازدياد التلوث في بحيرة القرعون