رام الله ـ أحمد شاكريتفاقم منذ فترة الصراع داخل حركة «فتح» بين قادتها ورموزها وتياراتها المتصارعة على مناصب قيادية، في ظلّ تجاهل مسؤولي الصف الأول داخل الحركة لآثاره وتداعياته، وأخطرها فقدان «فتح» ثقلها الشعبي التاريخي.
وتسير «فتح» اليوم في اتجاهات عديدة، تشير إلى أنها هرمت واقترب يوم تشييعها رسمياً. لكنّ المشكلة هي في أن الذين يسرّعون في دفنها ويتمنّونه اليوم قبل الغد، هم قادتها من الصف الأول تحديداً.
وتحمّل شخصيات من الصف الثاني في الحركة، أسماءً كبيرة من القيادة المسؤولية عن إعاقة المصالحة الفلسطينية الداخلية، والعمل على زيادة الفرقة بين الكادرات القيادية والقاعدة لمصالح شخصية.
وفي ظلّ هذا الصراع داخل الفصيل الواحد، يبدو أنّ المصالحة الوطنية مع حركة «حماس» لا تزال بعيدة، إذ إنّ أطرافاً في تنظيم الراحل ياسر عرفات تبدو مؤيّدة لخيار الحوار مع الحركة الاسلامية، وأخرى مستفيدة من الوضع الانقسامي القائم، وثالثة معارضة بشدة للحوار من منطلقات مبدئية.
وعن هذا الموضوع، يؤكّد القيادي الفتحاوي توفيق أبو خوصة أنّ أطرافاً قيادية في حركته تجد في حالة المصالحة مع «حماس»، «خطراً داهماً يجب أن تبذل كل جهدها ومكرها وخبثها لتحول دون تحقيقها»، مشيراً إلى أن «الأولوية ملحة الآن لإعادة ترتيب وبناء الوضع الداخلي الفتحاوي».
ويذكّر أبو خوصة بأنّ محاولات قيادات من «فتح» لعرقلة الحوار مع «حماس» طُرحت مراراً في جلسات المجلس الثوري لحركته، لافتاً إلى أنه بادر الى إعادة طرح ما سبق أن شدّد عليه عضو اللجنة المركزية الطيب عبد الرحيم، لاعتبار أن المصالحة الداخلية «تمثل رافعة جدية ومطلوبة لنهوض واستنهاض الحركة».
وفسّر أبو خوصة عدم رغبة بعض قادة «فتح» المتنفذين في المصالحة الداخلية والوفاق الفتحاوي، بأنّه سيضعف نفوذ البعض، «أو قد يكون مقدمة لشطبهم من الخريطة التنظيمية»، في ظل اقتراب موعد المؤتمر الحركي العام السادس الذي كان محدّداً في آب الجاري وجرى تأجيله.
وعن طبيعة هذا «النفوذ» الذي يتمسّك به عدد من قيادات «فتح»، يشير أبو خوصة إلى أنها «امتيازات شرعية وغير شرعية تتيح لهم العيش ببحبوحة هائلة، أدّت إلى إثقال كاهل الموازنة المالية للحركة».
ولا ينسى القيادي الفتحاوي التشديد على أنّ تفعيل الخيار الديموقراطي من خلال المؤتمر العام للحركة «سيعيد رسم صورتها من جديد على كل الأصعدة وفي المقدمة منها تغيير الوجوه القائمة».
ويعود أبو خوصة ليتساءل عن مبرّر السماح «لقلة ممن استهواهم تخريب الحركة بمنع إطلاق قطار المصالحة ووضع عصي مؤامرتهم في الدواليب، ما دامت إرادة الغالبية العظمى من الفتحاويين تتطلع نحو المصالحة والوفاق؟».