حيفا ــ فراس خطيب وأخيراً، صادقت الحكومة الإسرائيلية على الموازنة العامة لعام 2009 بغالبية صوت واحد، بعد نقاش دام 14 ساعة، تداخلت فيه صراعات لم تحسم بعد على رئاسة الحزب الحاكم «كديما»، كما العلاقة المشحونة بين رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير دفاعه إيهود باراك.
وعند الساعة الثانية بعد منتصف ليل الأحد ــ الاثنين، وبغالبية 13 صوتاً في مقابل 12 معارضاً، مرَّت موازنة عام 2009، متجاوزة مساعي باراك لإسقاطها. وباتت بنود الموازنة تنتظر امتحانها الأكبر أمام الكنيست وسط تقديرات ترى صعوبة في التصويت عليها.
ورأت وسائل الإعلام العبرية في الولادة القيصرية للموازنة «صفعة سياسية» لحزب «العمل» ورئيسه باراك. في المقابل، رأت مصادر إعلامية عديدة أنّ أولمرت «تنفّس الصعداء بهذا الإنجاز» الذي يُرَجَّح أن يكون الأخير بالنسبة إليه.
وكان معارضو الموازنة مستنفرين قبل بدء الجلسة، إلا أنَّ أولمرت نجح في إقناع وزراء حزب «المتقاعدين»، بالإضافة إلى الوزراء المعارضين من حزبه (روحاما أبراهام وزئيف بويم) لدعم موقفه. وعندما تجدّدت المباحثات في الجلسة، حاول باراك تأجيل التصويت، بحجّة أنَّ «الوزراء متعبون ولن يعرفوا على ماذا يصوتون» من دون أن ينجح مسعاه.
وهاجم أولمرت باراك متهماً إياه بـ«تضليل» الوزراء، لكونه لم يبلغهم بتفاصيل لقائهما عن «تقرير بروديت» لمعاينة موازنة الأمن. وقال أولمرت «أنا قلت لك إننا سننفذ كل الاستخلاصات، لكنك لم تبلغ الوزراء».
وهجوم أولمرت على وزيره كان قد بدأ منذ اللحظة الأولى للجلسة الماراتونية، عندما خرج الأخير خلال الجلسة مرات عديدة للتشاور مع رئيس نقابة العمال (الهستدروت) عوفر عيني، ورئيس حزب «شاس» إيلي يشاي، بما يتعلق بالموازنة. عندها، انتهز أولمرت الفرصة، موضحاً: «نحن نبحث الآن موضوع موازنة الأمن، وهو موضوع هام للغاية، وللأسف فإنَّ وزير الأمن ليس موجوداً هنا من أجل الإصغاء إلى التفاصيل».
وكانت جلسة الموازنة بمثابة ساحة عراك تداخل فيها الكثير من التراكمات السياسية الخلافية. واتخذت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني موقفاً مؤيداً لأولمرت بعد فترة من الخلاف معه، بينما عارضها وزير النقل، شاؤول موفاز.
وانتقد موفاز تأييد ليفني للموازنة لأنه «لا يُعقل ألا يكون لدى من تريد أن تصبح رئيسة وزراء رأي في موضوع تقليص موازنة الأمن».
بدورها، ردّت ليفني على موفاز بالقول إنّ «من يدعي أنه ينبغي إرجاء إقرار الموازنة اليوم لا يفعل ذلك لأسباب مهنية، بل لاعتبارات سياسية على خلفية الانتخابات الداخلية في كديما، وعلى جميع الموجودين هنا تحمّل مسؤوليتهم تجاه الاقتصاد الإسرائيلي، والانتخابات الداخلية في كديما لا تلغي هذه المسؤولية».
ولم تمرّ دقائق قبل أن يعود المقرّبون من موفاز ليعقّبوا على اتهامات ليفني بأن «ما قالته وزيرة الخارجية عن الموازنة هو سلوك كلاسيكي معروف عنها، فهي دائماً تتنازل ودائماً ضعيفة».
وقبل شهر واحد من الانتخابات التمهيدية، ذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أنّ وزير الداخلية مئير شطريت، وهو المرشح لرئاسة «كديما»، التقى أمس بليفني لدرس إمكان «التعاون المستقبلي» بينهما.
وبالنسبة إلى آخر نتائج استطلاعات الرأي في ما يخصّ المعركة الانتخابية الحزبية، لا تزال ليفني تتصدّر نيات التصويت أمام موفاز وشطريت وزميلهما في الحكومة آفي ديختر. وآخر التقديرات تشير إلى أنه في حال إجراء جولة ثانية من الانتخابات، فمن الممكن أن يدعم شطريت ليفني، ما يرجّح كفة الميزان لمصلحتها.
وكان شطريت قد سجّل ارتفاعاً طفيفاً في استطلاعات الرأي بعدما أطلق حملة انتخابية واسعة. ورغم أنّ حظوظه في الفوز ضئيلة مقارنة مع ليفني وموفاز، فهو مصرّ على السير قدماً في التحدّي، إلا أنَّ مقربين منه أكّدوا أخيراً أنه «لن يذهب ورأسه في الحائط (لن يكون عنيداً)، إذا كانت أرقام الاستطلاعات منخفضة».
في هذا الوقت، ذكرت «يديعوت أحرونوت» أن مسؤولين في حزب «الليكود» غاضبون على رئيسه بنيامين نتنياهو في أعقاب وعود أطلقها الأخير لبعض الشخصيات ليكونوا وزراء في حكومته المقبلة في حال انتخابه. وفي السياق، قال مسؤولون في «الليكود» «بيبي (نتنياهو) يوزع الحقائب الوزارية ولم يبق لنا شيء».
وتتزامن التسريبات عن هذا التململ داخل «الليكود» في أعقاب ما نُشر في صحيفة «هآرتس» عن نية المفتش العام السابق للشرطة الإسرائيلية أساف حيفتس الانضمام إلى حزب نتنياهو الذي «وعده بحقيبة الأمن الداخلي». كذلك تحدثت الصحف عن نية الرئيس الأسبق للحكومة الإسرائيلية بمنح حقيبة التربية والتعليم لشخصٍ مهني خارجي، وأن يحتفظ بوزارة المال لنفسه بموازاة منصبه كرئيس للحكومة.