يتعاطى حكّام بغداد مع استحقاق الانتخابات المحلية المقبلة على أنه سيكون فعلاً محطّة ديموقراطية، وكأنّ هناك ديموقراطية تحت الاحتلال. كيف ينظر المواطنون إلى الاستحقاق، وهل ينوون المشاركة؟
بغداد ــ الأخبار
ما كادت المذيعة العراقية تنتهي من دعوة المواطنين إلى تسجيل أسمائهم في أقرب مركز للناخبين، حتى أطفأ سائق الأجرة المذياع وهو يتمتم غاضباً: «ومن سيذهب لينتخب؟ لا جدوى من الانتخاب».
لم يهتم السائق بسماع تعليقات ركابه على تساؤلاته الغاضبة، فغايته كانت فقط إيصال رسالة واحدة لنفسه وللآخرين هي: «العراقيون لن ينتخبوا»!
فجّرت أسئلة السائق نقاشاً حامياً بين الركاب؛ ففيما قال أحدهم إنه يؤمن بضرورة المشاركة «لإنجاح العملية الديموقراطية»، اعترض آخرون على انتخاب أشخاص لا يعرفهم الناس، فيما ترى النسبة الأكبر من المواطنين أن المشاركة هي خطوة لا طائل منها، لأن من ينال مقعداً في السلطة الحاكمة يعمل من أجل مصلحته الشخصية فقط.
الحاج محمود الغبان، وهو موظّف متقاعد، رأى أن «الانتخابات في العراق لم تحظ حتى الآن بالصدقية المطلوبة، وأن حالات تزوير ومحاباة حصلت في الدورات السابقة، وستحصل حتماً في الدورات المقبلة، كذلك فإن ممثّلينا لم يقدموا لنا شيئاً، بل تزايدت مشاكل المواطنين بقدر ما تضاعفت ثروات المسؤولين وممتلكاتهم».
وأشار قاسم فيصل (مدير مدرسة) إلى «أهمية تعريف المواطنين بالمرشحين، من خلال وسائل الإعلام، والتركيز على تاريخهم وانتماءاتهم، ليتمكنوا من اختيار الشخص أو الكتلة التي تعبّر عنهم»، قبل أن يستدرك بقوله: «أنا أرفض الذهاب إلى أي مركز انتخابي، لأنني لن أكرّر الخطأ مرتين».
بدورها، طالبت الناشطة النسوية مديحة محمد علي «بتوفير الخبز أولاً للمواطنين، ومن ثم حثهم على الذهاب إلى مراكز الانتخابات». وشدّدت المحامية أزهار الشعرباف على ضرورة توعية المرأة وتثقيفها دستورياً وقانونياً عبر تعريفها بحقوقها التي كفلها القانون.
وعن هذا التثقيف، أشار رئيس الإدارة الانتخابية في المفوضية الحكومية، القاضي قاسم العبودي، إلى أن مفوضيته تدرّب موظفيها بشكل يضمن نجاح الانتخابات. وأكد وجود «إقبال متزايد في عدد الناخبين خلال الأيام الماضية في عموم البلاد يصل إلى أكثر من مليون ناخب راجعوا مراكز التسجيل للتأكد من ورود أسمائهم».
وبين الآراء المتشائمة للمواطنين، وتفاؤل مفوضية الانتخابات، يبقى حجم المشاركة فيها أمراً لا يمكن التكهن به قبل حصولها فعلياً، في بلد تمثّل المفاجآت الأمنية والسياسية فيه روتيناً يومياً.