مع استقالة وفيق السامرائي من منصبه مستشاراً للرئيس جلال الطالباني، يُرسَم لغز جديد حول رجل حمل أخطر أسرار نظام صدام حسين. وكل شيء يقول إنّ استقالته سببها أنه «أطال لسانه» على إيران!
بغداد ــ زيد الزبيدي
الشخصيات الإشكالية التي تثير الأسئلة والالتباسات في العراق، كثيرة، ووفيق السامرائي أحد هؤلاء بالتأكيد. تاريخ الرجل استثنائي؛ فبعدما كان أحد أقوى رموز حقبة صدّام حسين، أصبح منذ عام 2005 أحد أهم شخصيات العراق المحتل، إلى جانب الرئيس جلال الطالباني الذي عيّنه مستشاراً عسكرياً له. تعيين لم تمنعه حقيقة أنّ مسؤوليات السامرائي السابقة في رئاسة جهاز الاستخبارات في النظام البعثي، واكبت المجازر التي ارتُكبَت بحقّ الأكراد، ويُحاكم فيها اليوم عدد من قادة صدّام.
ومنذ فترة، يعيش السامرائي في لندن. ومن هناك، يتفرّج على محاكمات زملائه السابقين من على شاشات التلفزيون، وهو يدري تماماً أنّه كان منطقياً جداً أن يكون مكانه الطبيعي بينهم، لولا التحاقه بالمعارضة في عام 1994.
«تعذُّر العودة إلى العراق لأسباب شخصية»، الذي تذرّع به السامرائي أول من أمس لتبرير استقالته، التي قُبلت على الفور، قد يكون نابعاً من خوفه من عواقب المقالات والدراسات التي ينشرها منذ فترة، والتي كشف فيها عن تفاصيل أساسية تتعلق بالحرب العراقية ــ الإيرانية، والتي نحا فيها منحىً نقدياً قاسياً تجاه السياسات الإيرانية الحالية.
وحساسية ما يكتبه السامرائي عن الملف الإيراني، نابع من أنه كان من المقربين إلى القيادة السياسية والعسكرية في النظام السابق، وخاصة خلال فترة الحرب مع الجمهورية الإسلامية، حيث كان كامل الملف الاستخباري المتعلق بنظام ثورة الملالي مناطاً به.
وإذا كان التحاقه بـ«المعارضة» في عام 1994 قد أسقط عنه كل التهم التي يحاكم بها زملاؤه السابقون، فإن مجازفته وهو يشغل موقع مسؤول في رئاسة الدولة، بنبش خفايا الحرب مع إيران، أثارت شهية خصومه بالتلويح بإثارة دوره في قمع المعارضة عندما كان مسؤولاً استخبارياً.
ولعلّ ذلك قد ولّد ضغوطاً كبيرة على الطالباني، دفعته إلى قبول استقالة مستشاره، رغم علاقته الجيدة مع الأحزاب الكردية التي بدأت منذ انتهاء حرب الخليج الثانية عام 1991، حين أتت القيادات الكردية إلى بغداد للتفاوض مع نظام صدام.
وفي الفترة الأخيرة، تردّد اسم السامرائي أكثر من مرة على لسان المتهمين في جلسات محكمتي «الانتفاضة الشعبانية»، و«الأنفال»، حيث أكد بعضهم مشاركته في تلك الأحداث. لكن المحكمة الجنائية العليا، برّأته وأغلقت التحقيق معه.
واستمرّ السامرائي بنشر تحليلاته العسكرية باسم «الجنرال وفيق السامرائي»، ما فُسّر بأنّه رغبة في عدم التقيد بالتوجه الرسمي لحكومته، وخصوصاً ما يتعلق بالاستراتيجيات الإيرانية الحالية، في ظلّ الغزل الدائر بين بغداد وطهران.
وحول مخططاته المستقبلية، نقلت «شبكة أخبار العراق» عن مصادر مقربة منه، أنه يستعد لنشر كتاب بعنوان «العراق قبل 2003 وما بعده». كذلك يبدو أنه ينوي تأسيس «مركز الشرق للدراسات الأمنية والعسكرية»، الذي سيتخصص بإصدار تحليلات ومتابعات عسكرية لقضايا الصراع في منطقة الخليج.