وضعت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمام ما يشبه مقايضة وقف الاستيطان بمكافحة المقاومة في الضفة الغربية، مع ضغط لتلقف «فرصة» ما يعرضه الإسرائيليون
رام الله ــ أحمد شاكر
دعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، خلال لقائها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله أمس، إلى استمرار المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي في قضايا الوضع النهائي. وأكدت مصادر فلسطينية موثوقة لـ«الأخبار» أن رايس أبلغت عباس أنه «لا يزال أمامه فرصة لقبول ما يعرض عليه من إسرائيل وأن الإدارة الأميركية مارست ضغطاً على الدولة العبرية لتقديم بعض التنازلات للرئيس عباس».
وبينت رايس لعباس أن «إسرائيل ترى خطوة الإفراج عن 198 أسيراً خطوة لإعادة ثقة الشارع الفلسطيني بأبو مازن وحركة فتح»، مشددة على أن ثمة خطوات ستتبع هذه الخطوة. ووصفت المصادر اللقاء بأنه «عادي جداً ولم تصدر عنه أي إشارة تؤكّد جدية الجانب الأميركي في التوصل إلى سلام». وأضافت أن عباس سأل رايس عن موقفها من الاستيطان فردت عليه بعدم قبوله، وأيضاً رفضها لممارسات الفصائل الفلسطينية المسلحة.
وخلال المؤتمر الصحافي المشترك مع رايس، أعرب عباس عن «أمله في إفراج إسرائيل عن الأسرى الفلسطينيين من سجونها، إحدى القضايا الأساسية التي تعالج أو يجب أن تنتهي مع الحل النهائي». وأشار إلى ضرورة وقف الاستيطان الإسرائيلي، الذي قال إنه عقبة أساسية في طريق السلام.
وشدد أبو مازن على ضرورة الوصول إلى «حل كامل لكل القضايا، وأن يؤدي الاتفاق إلى حماية شعبنا وتحقيق حلمه وتحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي التي احتلت عام 1967 والقدس الشريف عاصمة لها، وذلك في إطار الثوابت الفلسطينية». وقال: «سنستمر في جهودنا مع إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش للوصول إلى حل».
أما رايس فشدّدت على ضرورة «وقف إسرائيل للاستيطان الذي يؤدي إلى خلق بيئة لا تسمح للمفاوضات بالاستمرار». وأبدت تفاؤلاً بإمكان تحقيق السلام في المنطقة. وتحدثت عن وجود تقدم أحرزه الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي في المفاوضات حول حل الدولتين، مشيرة إلى وجود ثلاثة أشهر باقية لحل هذه القضية، مدركة أنها «ليست سهلة، ولكن العمل الدؤوب يوجد فرصة جيدة للنجاح».
بدوره، كشف المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أن رايس طرحت «أفكاراً جديدة» متعلقة بعملية السلام. وقال لوكالة «فرانس برس» إنه «نوقشت أفكار جديدة طرحتها للمرة الأولى الإدارة الأميركية خلال لقاء رايس مع عباس في رام الله». وأضاف «أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة جداً في ما يتعلق بعملية السلام».
وأعلن مسؤول فلسطيني، رفض الكشف عن اسمه لوكالة «فرانس برس»، أن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي «اتفقا بحضور رايس على العمل بكثافة لمحاولة الوصول إلى وثيقة مشتركة تُعلن خلال لقاء عباس مع بوش في الحادي والعشرين من شهر أيلول المقبل في نيويورك».
وأعلن رئيس وفد المفاوضات الفلسطيني، أحمد قريع، أن عباس سيلتقي إيهود أولمرت الأسبوع المقبل.
وكانت رايس قد التقت أمس في القدس المحتلة كبار المسؤولين الإسرائيليين، في مقدمتهم رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني، قبل أن تنتقل إلى رام الله.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك، قالت ليفني: «نواصل السعي لإيجاد طريقة من أجل التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين، حتى في هذه الأيام الصعبة نواصل التفاوض».
أما رايس فقالت إنه «يُحرَز بعض التقدم في عملية السلام رغم الصعوبات» وإنها مرتاحة جداً «لواقع أن المفاوضات جدية ومكثفة». وأضافت: «أعتقد أن الطرفين نجحا في تقريب مفهومهما لما يجب القيام به ومواقفهما خلال هذه الفترة».
وفي ما يتعلق بالاستيطان، قالت رايس: «لقد قلت للمسؤولين الإسرائيليين إنني لا أعتقد بأن أنشطة الاستيطان تساعد عملية» السلام. وأضافت: «ما نحن بحاجة إليه الآن هو إجراءات تعزز الثقة بين الطرفين، ويجب تجنب كل ما من شأنه أن ينسف هذه الثقة».
في المقابل، قللت ليفني من شأن عواقب هذه الأنشطة. وقالت: «هناك بعض الأنشطة المحدودة، لكنها لن تؤثر على القدرة على التفاوض ولا على مستقبل الحدود المستقبلية للدولة الفلسطينية».
إلى ذلك، انتقدت حركة «حماس» زيارة رايس لإسرائيل والضفة الغربية، ووصفتها بالـ«مشؤومة». وقال أمين سر كتلة «حماس» البرلمانية، مشير المصري، إن الزيارة «محاولة يائسة لبث الروح في جثة التسوية والمفاوضات الميتة، مع اقتراب نهاية ولاية الضعفاء الثلاثة عباس وبوش وأولمرت»، مؤكداً أن هذه الزيارة «لن تقدم شيئاً لمصلحة الشعب الفلسطيني».


تكثيف الاستيطان لمسح «الخط الأخضر»

أصدرت حركة «السلام الآن» الإسرائيلية، أمس، تقريراً أكدت فيه أن إسرائيل تواصل توسيع المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة بهدف محو الخط الأخضر. وجاء في التقرير أنه «ازداد خلال السنوات الأخيرة التوجه نحو مسح معالم الخط الأخضر من خلال البناء المكثف الذي يهدف إلى إيجاد تواصل على الأرض للكتل الاستيطانية مع المستوطنات المعزولة في قلب الضفة الغربية».
ولخّص التقرير النشاط الاستيطاني في النصف الأول من عام 2008، وأفاد بأنه في النصف الأول من عام 2008 هناك أكثر من 1000 مبنى جديد تُبنى في المستوطنات، تضم نحو 2600 وحدة سكنية. وأشار إلى أن نحو 55 في المئة من المباني تُبنى إلى الشرق من جدار الفصل. وبحسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، فإن البناء في المستوطنات قفز 1.8 ضعف في مقابل الفترة الموازية من العام الماضي، حيث بُنيَت 433 وحدة سكنية بمبادرة وزارة الإسكان في الأشهر من كانون الثاني إلى أيار 2008، في مقابل 240 وحدة سكنية بين كانون الثاني وأيار 2007.
وكان حجم البناء بمبادرة وزارة الإسكان يمثّل في هذه الفترة نحو 64 في المئة من مجموع البناء في المناطق المحتلة. كذلك أُضيف 125 مبنى جديداً للبؤر الاستيطانية العشوائية، ومن ضمنها 30 مبنى ثابتاً.
وشدد التقرير على أن «هناك ارتفاعاً دراماتيكياً في النشاطات الحكومية في كل ما يتعلق بالبناء في شرق القدس. وفضلاً عن استمرار البناء ميدانياً، فقد نُشرت مناقصات لبناء آلاف الوحدات السكنية، فيما دُفَع بمشاريع لبناء آلاف الوحدات السكنية في لجان التنظيم والبناء».
(يو بي آي)