انعكس إضراب الموظفين في قطاع غزّة، أمس، على جهود الحوار في القاهرة، بعدما رأت «حماس» أنه إشارة إلى عدم جدية سلطة رام الله في المصالحة
غزة ــ قيس صفدي
رأى رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية أن «الحوار الوطني لا يزال في مربع استطلاع مواقف الفصائل والأطراف» الفلسطينية المعنية، فيما رأت حركة «حماس» أن مساعي سلطة رام الله لـ«تخريب العملية التعليمية» في قطاع غزة دليل على عدم جدية التوجه للحوار.
وقال هنية إن «مشوار الحوار ليس سهلاً، ويمكن أن يصل إلى نتائج مرضية للشعب الفلسطيني إذا توافرت النيات الصادقة وإذا تخلصت بعض الأطراف من قبضة القرار والفيتو الأميركي، وإذا ما وضعت المصالح العليا للشعب الفلسطيني في مقدمة المصالح الخاصة».
تصريحات هنية تزامنت مع إضراب المعلمين في قطاع غزة، الذي رأى المتحدث باسم الحكومة، طاهر النونو، أنه في إطار «ضغوط تمارسها سلطة رام الله». وأضاف أن هذه الأساليب «لن تنجح في انتزاع المواقف السياسية» من الحكومة، «ولن تغير من مضيها في سياسة الإصلاح التي تتبناها».
وقال النونو إن «تهديد ما يسمى نقابة الموظفين في رام الله بالإضراب الشامل في وزارات قطاع غزة هو نكتة سخيفة لا قيمة لها على الأرض»، لافتاً إلى أن «الكل يعرف أن غالبية الذين يأخذون رواتبهم من رام الله هم مستنكفون عن العمل».
وشدد النونو على «أن الحكومة ماضية في تنفيذ برنامجها ولن تثنيها هذه التهديدات، التي تعالت مع تهاوي وفشل سياسة الحصار الصهيوني الذي تشترك فيه هذه الأطراف». وقال: «في الوقت الذي يأتي فيه المتضامنون الدوليون على متن سفينتين لكسر الحصار متحدّين القرارات الإسرائيلية، تبادر هذه الأطراف إلى التلويح بإجراءات جديدة قديمة بعد فشل رهاناتها السابقة».
وتخوض نسبة كبيرة من المعلمين في غزة إضراباً منذ الأحد الماضي بدعوة من الاتحاد العام للمعلمين المحسوب على حركة «فتح» ومقره الرئيسي في رام الله، بدعوى الاحتجاج على إجراءات وزارة التربية والتعليم في حكومة هنية، وعملية التنقلات التي أجرتها لعدد من المديرين والمعلمين.
وفي الإطار، اتهمت حركة «حماس»، على لسان المتحدث باسمها سامي أبو زهري، سلطة رام الله بمواصلة مساعي تخريب العملية التعليمية في غزة عبر التحريض على الإضراب، مشيرةً إلى أن ذلك «دليل على عدم جدية التوجه نحو الحوار الوطني الفلسطيني».
وقال أبو زهري: «لا يزال فريق رام الله يواصل جهوده الحثيثة لتخريب العملية التعليمية في غزة من خلال إجراءات عديدة، من أبرزها إجبار المديرين والمدرسين في غزة على الإضراب وتهديدهم بقطع رواتب كل من يلتزم بالعملية التعليمية وضمان راتب المضربين». ورأى أن «هذه الإجراءات دليل على عدم جدية الرئاسة الفلسطينية في الدعوة إلى الحوار، وأن مواقفها بهذا الخصوص فاقدة الصدقية».
وأشار أبو زهري إلى أن «هذه الممارسات تعطي صورة للتلاعب في أموال الدعم العربي لممارسة الابتزاز والضغوط لأغراض حزبية وسياسية؛ فالمال العربي الذي يُفترض أن يصل لإغاثة الشعب الفلسطيني، باتت الرئاسة الفلسطينية تستخدمه في مكافأة الموظفين المستنكفين وحرمان العاملين المجتهدين منه».
وقال أبو زهري إن «هذه صورة لم تحدث في التاريخ على الإطلاق؛ أن يُنفق المال العام على الجالس في بيته ويحرم منه الموظف الملتزم، ما يستدعي ضرورة أن تُعيد الدول العربية النظر في آلية إرسال الأموال إلى رام الله، بحيث تُلزَم بوقف الابتزاز وصرف الرواتب لجميع الموظفين من دون استثناء».
إلى ذلك، أعلن مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» في قطاع غزة جون غينج تقديم مبلغ 20 مليون شيكل (6 ملايين دولار) لطلبة مدارس «أونروا» في القطاع لمساعدتهم في تلبية احتياجاتهم الدراسية في بداية العام الدراسي الجاري.
وقال غينج، في تصريحات صحافية، إن «الأونروا» تبذل جهوداً كبيرة للتخفيف عن الناس في القطاع، مثمناً الجهود الكبيرة التي يبذلها أولياء الأمور والمدرسون في التعاون مع برامج الأونروا للنهوض بمستوى التعليم في القطاع. وطالب مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي بالتحرك والاستجابة الإنسانية وفتح معبري رفح وبيت حانون (إيرز) أمام الفلسطينيين العاديين، موضحاً أن «تلك المعابر مفتوحة، ولكنها لفئات معينة وليست للناس البسطاء، وعلى الجميع أن يتحرك باتجاه فتح هذه المعابر والتخفيف من حدة الاحتقان واليأس في قطاع غزة».
وقال غينج: «هناك أكثر من 300 طالب محاصرين في قطاع غزة، وللسنة الثانية لا يستطيعون الذهاب إلى جامعاتهم»، مؤكداً أن ذلك «مخالف للإنسانية والشرعية والمنطق». وأضاف أن «على جميع الأطراف استغلال وقف إطلاق النار الشامل لأكثر من شهرين وعدم تضييع الفرصة السانحة لذلك».