محمد زبيبيبدو وزير الطاقة والمياه الان طابوريان متفائلاً جداً بنتائج اجتماعاته في عمان مع نظرائه المصري حسن يونس والأردني خلدون قطيشات والسوري أحمد العلي... فمنذ عودته إلى بيروت، مستبقاً الوفد اللبناني الذي رافقه إلى العاصمة الأردنية، باشر تحضير ملفاته اللازمة من أجل تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه في شأن تزويد لبنان بالطاقة الكهربائية المصرية، وتحويل هذا الاتفاق إلى إجراءات عملانية سريعة، تسهم، إذا التزمت الأطراف المعنية به، في زيادة معدلات التغذية الكهربائية لجميع المناطق إلى 20 ساعة يومياً، كمتوسط عام، اعتباراً من فصل الشتاء المقبل، كما يسمح بتوقيف عدد من مجموعات الإنتاج المحلية لإجراء الصيانة الدورية عليها، وهذا الإجراء بات يمثّل أولوية لمؤسسة كهرباء لبنان التي تضطر إلى تأجيل عمليات الصيانة الدورية الضرورية تحت ضغط ازدياد الطلب على استهلاك الكهرباء من دون أن تكون لديها القدرة على تأمينه.
فقد وقّع الوزراء الأربعة محضر الاجتماع، الذي عُقد أول من أمس في العاصمة الأردنية بطلب من الجانب اللبناني، وهو يتضمن اتفاقاً مبدئياً، طال انتظاره، يقضي بتقاسم الطاقة المستجرّة من مصر بالتساوي بين الأردن وسوريا ولبنان، وهو ما كانت ترفضه الأردن في السابق، مخالفةً بذلك بنود اتفاقية الربط الكهربائي السباعي التي تضم إلى جانب هذه الدول الأربع كلاً من فلسطين وليبيا وتركيا... إذ إن الأردن عمدت في الفترة السابقة إلى إيقاف 3 معامل إنتاجية محلية مكلفة (على غرار معامل بعلبك وصور والزوق والزهراني) وبدأت باستجرار حوالى 400 ميغاواط من مصر عبر خط الربط السباعي ما حرم سوريا ولبنان حقهما في الاستفادة من هذه الطاقة، ولا سيما أن خط الربط بين الأردن ومصر لا تتجاوز قدرته الإجمالية 550 ميغاواط، وبالتالي لا يستطيع نقل أكثر من 450 ميغاواط من الكهرباء المصرية لأسباب تقنية تتّصل بالأمان والاستقرار على الشبكة.
وقال الوزير طابوريان لـ«الأخبار» إن اجتماع عمان الأخير نجح في تجاوز هذا القطوع، وجرى الاتفاق على أن تتولّى مصر تصدير 450 ميغاواط، توزّع على الدول الثلاث بالتساوي (أي بمعدّل 150 ميغاواط لكل دولة)، وذلك خارج أوقات الذروة، كما اتُّفق على أن تُحَوّل حصص الأردن وسوريا إلى لبنان في الأوقات التي تكون فيها الطاقة المنتجة محلياً لدى هاتين الدولتين كافية لتغطية حاجاتهما، ما يعني أن هناك احتمالاً لأن يحصل لبنان على كامل الطاقة المصرية المصدّرة في فترات معيّنة، ولا سيما في فترات انخفاض الاستهلاك الكهربائي في أوائل الشتاء وفي الربيع.
ومن المقرر أن يُعقد اجتماع آخر بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع على مستوى الإداريين لوضع اللمسات الأخيرة على هذا الاتفاق، والبت بمسألة الأسعار ورسوم العبور التي ستتقاضاها الأردن وسوريا، وتُعدّ هذه المسألة مهمّة جداً، وهناك إشكاليات كثيرة اعترضت بتّها سابقاً، بسبب الموقف الأردني الذي يطالب برسوم مرتفعة، وكان يحاول تسويق مشروع لبيع الكهرباء إلى لبنان بأسعار مرتفعة (25 سنتاً تقريباً لكل كيلووات)، عبر إعادة تشغيل أحد معامله المكلفة المتوقفة، وأعاد الجانب الأردني طرح هذا المشروع في الاجتماع الأخير، إلا أن الجانب اللبناني اشترط لدرسه مجدداً منحه أسعاراً خاصة مناسبة.
وأشار طابوريان إلى أنه نجح أيضاً في تجاوز قطوع ثانٍ على هامش اجتماع عمّان، إذ إن التزام مصر والأردن وسوريا بإيصال حصة لبنان إليه تعترضه مشكلة تقنية لبنانية تتمثل بعدم إنجاز كامل شبكته القادرة على استجرار الكهرباء المصرية، فقد أسفرت محادثاته الجانبية مع نظيره السوري عن موافقة الأخير على استخدام الشبكة الداخلية السورية، وهذه الموافقة تعبّر عن تعاون سوري كبير ولافت، نظراً للمخاطر التي يمكن أن تتعرض لها الشبكة السورية بسبب الحمولة الكبيرة، وتداخلها مع الشبكة الداخلية اللبنانية.
انطلاقاً من هذه الحصيلة، يمكن اعتبار ما حققه طابوريان في الأردن نجاحاً كبيراً إذا قدّر له أن يدخل في حيّز التنفيذ الفعلي، فهو سيتيح للبنان إمكان استجرار طاقة كهربائية من مصر، تبلغ في حدّها الأدنى 150 ميغاواط، وفي حدّها الأقصى 450 ميغاواط، باستثناء ساعات الذروة الأربع لدى الجانب المصري التي ستنخفض فيها كمية الطاقة المستجرّة إلى مستويات متدنية جداً، وإذا أضيفت هذه الكمية في حدّها الأدنى إلى ما يستجره لبنان من سوريا، فهذا يعني توفير حوالى 250 ميغاواط، أي ما يوازي حوالى 18 في المئة من الطاقة المنتجة في لبنان، وهو ما يغطي 85 في المئة تقريباً من متوسط الطلب المحلي على الكهرباء.
إن الاتفاق المذكور يتجاوز كثيراً ما كان يطمح إليه لبنان، وما كان قد جرى الحديث عنه في مراحل سابقة، ولا سيما بعد زيارة الرئيس فؤاد السنيورة إلى مصر، وهي الزيارة التي تبيّن من اجتماع عمّان أنها لم تقدّم ولم تؤخّر في سير المفاوضات التي بدأت منذ زيارة وزير الكهرباء المصري إلى لبنان في الشهر الماضي.