سيتحوّل ساحل المتن الجنوبي إلى غابة تتألف من 6 جسور، وذلك وفق مشروع تطوير النقل الحضري، وعلى الرغم من أهمية المشروع لخفض كثافة السير فإنه يثير امتعاض الأهالي
داني حداد
يشهد قضاء المتن «عجقة» مشاريع لإنشاء جسور في إطار مشروع تطوير النقل الحضري الذي يتولّى تنفيذه مجلس الإنماء والإعمار بالتعاون مع وزارتي الداخلية والبلديات والأشغال العامة والنقل، وذلك كجزء من خطة النقل في بيروت الكبرى التي أنجزت عام 1995، والتي اعتمدت على مسح واسع وتحاليل للمعطيات كي تستجيب للحاجات الملحة لتنظيم حركة المرور والتنقّل في شوارع العاصمة. إذ تشهد بعض التقاطعات كثافة سير لا يمكن خفضها بواسطة الإشارات الضوئية، بل من خلال فصل المستويات المتقاطعة للتخفيف من كثافة السير المتّجه نحو النفق أو الجسر، ما يوفّر أداءً أفضل للتقاطع، وعدم تعرض المشاة للخطر بسبب المرور الكثيف والسريع للسيارات، الأمر الذي يزيد من مستوى الأمان والسلامة على الطرقات. ولتحقيق ذلك، لحظ مشروع تطوير النقل الحضري تطوير 19 موقعاً في بيروت الكبرى بوشر العمل بعدد منها، وذلك لوضع إطار عام للنقل لمدينة بيروت ومنطقة بيروت الكبرى بغرض دعم الاستثمارات الأساسية المطلوبة لزيادة فاعلية البنى الحالية للنقل الحضري، وقد وافق مجلس إدارة البنك الدولي على المشروع في حزيران من عام 2002، إلّا أن أهالي منطقة ساحل المتن يعترضون على إنشاء بعض الجسور، ويرون أن بعضها من دون جدوى، وقد تقدّم أهالي انطلياس بمذكّرات وكرّروا اعتراضاتهم أمام وزير الأشغال السابق محمد الصفدي، معتبرين أن جسر انطلياس ستكون له آثار جسيمة على المنطقة، منها الضرر البيئي. فما هي المشاريع المنفّذة وقيد التنفيذ في ساحل المتن؟

مواقع الممرات

وتتوزّع مواقع الممرات العلوية والسفلية ضمن قضاء المتن على عدة محاور، ففي مستديرة الحايك نفّذ الممر العلوي عليها بغية تأمين السير من جسر الواطي باتجاه الدكوانة، ومن مستديرة متروبوليتان باتجاه الدكوانة، إضافةً إلى خطّي سير أرضيين. وبلغت كلفة المشروع 6.2 مليون دولار بتمويل رئيسي من البنك الدولي، وقد أعطي أمر المباشرة بالأعمال في نيسان من عام 2005. وجرى تقسيم الأشغال إلى ثلاث مراحل للانتهاء خلال عشرين شهراً. فيما جرى افتتاح جسر الدورة مؤخراً، بعدما كان من المتوقع افتتاحه في شهر حزيران الماضي، إلا أن مجلس الإنماء والإعمار مدّد مهلة التنفيذ للمقاول مؤسسة نقولا سروجي للتعهدات بحجّة أن التأخير ناتج من أحداث أيّار المنصرم. وتشمل أعمال المشروع استبدال جسر الحديد بجسرين علويين يتضمّن كلّّ منهما ثلاثة مسارب للسير باتجاه الشمال وثلاثة باتجاه بيروت، بعرض 12 متراً وبطول 600 متر. كما تشمل إنشاء مستديرة تحت الجسرين وتأهيل الطرق الجانبية والأرصفة. وقد نفّذ مجلس الإنماء والإعمار هذا الجسر بكلفة بلغت 10،2 مليون دولار، بتمويل من البنك الدولي والدولة اللبنانية. وكانت الأعمال قد انطلقت في تشرين الثاني عام 2005 للتنقيب عن الآثار، وبدأ تنفيذ الأشغال في آذار عام 2006.

انطلياس وجل الديب

أما جسر انطلياس، فقد بدأ تنفيذه في أيلول عام 2006 وكان من المتوقع إنجازه في حزيران الماضي، إلا أن الأشغال لا تزال بحاجة إلى أشهر عدة. ويهدف هذا المشروع، وفق مجلس الإنماء والإعمار، إلى إزالة عنق الزجاجة على مسلك الأوتوستراد المتجه شمالاً وتأمين حركة السير السريع بالاتجاهين. وتشمل الأعمال استبدال جسر الحديد المؤلف من مسربين باتجاه الشمال بجسرين علويين بعرض 15 متراً وبطول 530 متراً.
كما يتوقع أن يجري تلزيم جسر جل الديب الجديد لدى إنجاز أشغال جسر انطلياس الدورة لكون هذه الجسور الثلاثة تمثّل عنق زجاجة في حركة المرور. وتجدر الإشارة إلى أن تمويل جسر جل الديب مؤمّن بنسبة 70 في المئة من البنك الدولي و30 في المئة من الحكومة اللبنانية. ويضاف إلى هذه الجسور تنفيذ أشغال في موقع مستديرة المكلس تتضمّن إنشاء ممرين واحد سفلي وآخر علوي، كما لحظ مشروع تطوير النقل الحضري إنشاء مستديرة كبيرة لاستيعاب حركة المرور الكثيفة على ساحة الدكوانة التي تشمل تسعة مفارق.

غابة جسور

وفيما يؤكد مجلس الإنماء والإعمار أن هذه المشاريع ستمثّل حلاً لمشاكل النقل المعقّدة التي ترزح تحت وطأتها شوارع المناطق الممتدة بين نهر انطلياس وسن الفيل، يرى معارضون لهذه المشاريع أنها مجرد هدرٍ مالي من دون أي منفعة عامة، ويشير هؤلاء إلى أن جسر انطلياس، الذي كان قد لقي معارضة شديدة من جانب البلدية وبعض الجمعيات الأهلية، لا ضرورة له في منطقة مكتظة أصلاً بالجسور وهو يسبّب زحمة سير يومية في محيطه، وخصوصاً أن تنفيذه تأخر.
ومع إتمام تنفيذ الجسور المقررة، سيتحوّل الأوتوستراد الساحلي للمتن الشمالي إلى غابة من الجسور التي سيبلغ عددها ستّة في مساحة جغرافية صغيرة نسبياً، في وقتٍ تجري فيه المطالبة بتنفيذ المزيد من جسور للمشاة للحدّ من عدد الحوادث التي تقع على هذا الأوتوستراد، والتي توقع عدداً من الضحايا سنوياً كان آخرهم ضحيتان في حادث واحد، على مقربة من مجمع «سيتي مول» التجاري.