يديعوت أحرونوت ـ سيفر بلوتسكرلم يعد (الأمين العام لحزب الله حسن) نصر الله يتطرق اليوم إلى الصورة التي ابتدعها، لكنه تحدث في الماضي عن المجتمع الإسرائيلي كأنه بيت للعنكبوت. كان يقصد بذلك القدرة المختلّة للمجتمع الإسرائيلي المدني، في نظره، على الصمود. نصر الله أخطأ في ذلك: إسرائيل هي قدرة صمود فولاذية. شعبٌ ملاحقٌ عاد إلى وطنه. هو شعبٌ لا ينحني بسهولة. ما يورّطنا هو خيوط عنكبوت الأكاذيب التي نصنعها لأنفسنا بقيادة حكومتنا.
الكذبة الأولى انكشفت بعد مدة قصيرة من قيام حزب الله بمهاجمة إسرائيل عسكرياً واختطاف اثنين من جنودها فوق أراضيها السيادية. هذا الاستفزاز استوجب رداً إسرائيلياً حازماً على التنظيم. ولكن توفير ذريعة كاذبة للرأي العام دفع الحكومة إلى رفع شعار «إعادة الأبناء» باعتباره هدفاً أساسياً لهذه الحرب.
كان هذا هدفاً طوباوياً هاذياً يهدف إلى تغطية عدم ثقة صنّاع القرار بأنفسهم وإسكات الشكوك التي تساورهم. من ناحية القانون الدولي، حزب الله أعلن حربه على إسرائيل وكان لإسرائيل حق كامل في الرد على الحرب بالحرب حتى إلحاق الهزيمة الماحقة به. ولكن الحكومة فضّلت الاعتماد على الأكاذيب. هذا كان خسارة لها وخسارة لنا أيضاً.
الحرب انتهت من دون أن يتحقق هدف «إعادة الأبناء»، ورغم ذلك واصلت الحكومة تغذية الجمهور بالأكاذيب وسحق صدقيتها. كان واضحاً لكل ذي عقل أن مطالب حسن نصر الله بالحد الأدنى ستكون إطلاق سراح سمير القنطار الإرهابي ــــ القاتل.
مع معلومات كهذه، كان من الممكن إنهاء التبادل قبل سنة. ولكن كانت في القدس حينئذ لجان تحقيق في قضية حرب لبنان الثانية. فضّلت الحكومة إطلاق سحابة سميكة من السرية فوق عملية المفاوضات. أشهر كاملة أهدرت عبثاً، ومرة أخرى بسبب الأكاذيب التي رويناها لأنفسنا، ومن بينها تلك الأكاذيب عن رون آراد. هل يوجد إسرائيلي ناضج واحد لا يعرف ما الذي آل إليه مصير رون آراد حقاً؟
عقدة الخداع والتضليل الذاتي ازدادت كثافة في الآونة الأخيرة. الاستعداد لتنفيذ صفقة تبادل من النوع المتعارف عليه بين الأعداء رفع النقاش الإسرائيلي إلى درجة السمو الأخلاقي والسلوك النموذجي الذي يعبّر عن كوننا شعباً مختاراً متضامناً مع نفسه بدرجة لا يوجد لها مثيل في العالم كله. ولكن من يعرف التاريخ الطويل لعمليات تبادل الأسرى المخطوفين والجثث، يعرف أن الصورة الضميرية التي فطمنا أنفسنا عليها حتى نعدّ الأرضية لقبول الصفقة ــــ بلا أساس حقيقي.
من يقل إننا نحن الإسرائيليين نتميّز عن كل الشعوب لكوننا «عائلة واحدة»، «قبيلة واحدة» وما إلى ذلك، فلينظر للحظة بعين موضوعية إلى احتفالات العودة التي يعدّونها في لبنان لسمير القنطار. فلينظر وليعَض على شفته. كذبنا على أنفسنا عندما قلنا: «لن نستسلم ولن نعطي جائزة للإرهاب»، ذلك لأننا عرفنا أننا سنعطيه تلك الجائزة. كذبنا على أنفسنا عندما قلنا «لا نستبدل القتلة بالجثث»؛ فقد علمنا أننا سنقوم بهذا الاستبدال.
عملية إطلاق سراح مختَطفي عملية عنتيبي كانت بالفعل عملية تاريخية استثنائية دللت على إصرار إسرائيل على إنقاذ اليهود من كل محنة كانت. في صفقة التبادل بين أولمرت ونصر الله، ليس هناك أي تميّز أخلاقي ــــ يهودي ــــ إسرائيلي. هذه عملية اعتيادية تقوم على المساومة التكتيكية وخذ وهات.
حزب الله بدأ حرب لبنان الثانية وهزم فيها. إسرائيل على الرغم من ذلك تتصرف منذ انتهاء الحرب كأنها قد هزمت. وضعنا الجيوسياسي في الشمال والجنوب تدهور بصورة دراماتيكية في ظل حكومة (إيهود) أولمرت. حزب الله زاد من تأثيره السياسي ــــ السلطوي في لبنان بدرجة كبيرة. ونظام حكم «حماس» في غزة حظي بالشرعية الإسرائيلية. هذان التطوران اللذان يتناقضان تماماً مع الأهداف التي وضعتها الحكومة لنفسها. إسقاط «حماس» كان كما يتضح، مجرد قرار كاذب وزائف لحكومتنا.