«مجموعة مغنيّة» تتبنّى العمليّة و«الشاباك» يعتبرها هجوماً فرديّاًأحمد شاكرحيفا ــ فراس خطيب
نفّذ شاب فلسطيني مقدسيّ أمس هجوماً، هو الأول من نوعه، في القدس المحتلة، حيث استخدم جرافة من الحجم الثقيل في صدم حافلات إسرائيلية للركاب وعدد من السيارات، ما أدى إلى مقتل أربعة إسرائيليين وإصابة نحو أربعين آخرين بجروح. ولاحق مسلحون إسرائيليون مدنيون وأمنيون الجرافة وأطلقوا النار باتجاه سائقها بواسطة مسدسات وبنادق آلية، ما أدى إلى استشهاده وتوقفها في حي شعاري تسيدك. وقال مراسل «فرانس برس» إن رجلي شرطة على الأقل قفزا إلى الجرافة وأفرغا وابلاً من الرصاص في جسد سائقها.
وقال شهود عيان إنهم فوجئوا بالمشهد، وكيفية خروج منفذ العملية من مكان ما في الشارع واقتلاعه كل شيء أمامه، منها الإشارات الضوئية. وأضافوا أنه توجه إلى سوق «محانيه يهودا» المكتظ. وقال شاهد آخر إن سائق الحافلة كان «يرفع المركبات ويلقي بها أرضاً ويحطمها بعد ذلك».
وقال قائد شرطة القدس، المفتش إيلان فرانكو، إن سائق الجرافة هو «مخرب» خرج من ساحة نوردان إلى شارع شعاري تسيدك شمال غرب القدس وقلب حافلتين وسيارات عديدة فقتل وجرح العشرات. وأضاف: «بعد ذلك شرع سائق الجرافة الفلسطيني بقلب سيارات أخرى إلى حين وصول مسلحين إسرائيليين ـــــ على ما يبدو من الأمن ـــــ وإطلاق النار باتجاهه، ما أدى إلى مقتله».
ووصف المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية، ميكي روزنفيلد، الحادث بأنه «إرهابي» نفذه رجل من القدس الشرقية المحتلة كان يعمل في موقع إنشاء على طول شارع مكتظ، حيث وقع الحادث. وأضاف: «نحن نعرف المنفذ من سجله الإجرامي السابق، ولكن لم يكن له سجل على مستوى الإرهاب». وأشار إلى أن السلطات لم تتلقّ أية تحذيرات محددة عن هجوم وشيك، إلا أنها أعلنت حالة التأهب عقب الحادث.
وأعلنت «كتائب أحرار الجليل ـــــ مجموعات عماد مغنية» مسؤوليتها عن العملية. وقال متحدث مجهول باسم المجموعة إن منفذ الهجوم يدعى حسام تيسير دويات من قرية سور باهر في القدس الشرقية، وهو ما أكدته الشرطة الإسرائيلية، مشيرة إلى أنه في الثلاثين من العمر ومتزوج وأب لولدين وسجله العدلي غير نظيف.
وفي بيان تبنٍّ لاحق، قالت «كتائب أحرار الجليل»: «تمكن أحد أفرادنا من تنفيذ عملية بطولية بواسطة جرافة في قلب الكيان الصهيوني المسخ، وقد تمكن من صدم عدة مركبات، ومن ضمنها حافلة مليئة بالركاب في شارع يافا في مدينة القدس المحتلة».
ولكن جهاز «الشاباك» أعرب عن اعتقاده بأن الشاب الفلسطيني تصرف من تلقاء نفسه ولم يدفعه أحد للقيام بهذا الهجوم. كما رجحت مصادر فلسطينية، تحدثت إليها «الأخبار» أن يكون منفذ العملية شاباً فلسطينياً غاضباً قام بردة فعل شخصية من دون تنسيق مع منظمات فلسطينية. وكانت مجموعة «أحرار الجليل» قد أعلنت مسؤوليتها عن هجوم على مدرسة تلمودية في 6 آذار الماضي في القدس المحتلة أيضاً قتل فيه ثمانية شبان يهود.
وأكدت حركة «حماس» أن الهجوم هو نتيجة طبيعية «للعدوان» الإسرائيلي على الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، لكن الحركة ليس لديها معلومات عن دوافع الهجوم. وقال المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري: «بحسب المصادر الإسرائيلية، الحادث مقصود (عملية). وإذا كانت الأمور كذلك، فهي نتيجة طبيعية لاستمرار العدوان والجرائم ضد أهلنا في الضفة الغربية والقدس المحتلة». وأضاف أن الهجوم إذا اتضح أنه عملية، فهو أيضاً «نتيجة لرفض الاحتلال الإسرائيلي وقف عدوانه».
أما حركة «الجهاد الإسلامي»، فقالت في بيان إن الهجوم «رسالة واضحة للعدو المجرم... على العدو أن يترقب المزيد ما استمر الاحتلال والعدوان بحق شعبنا... وما استمرت الانتهاكات في الأقصى والقدس».
وبعد العملية، تصاعدت الدعوات إلى هدم منزل منفذها. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إنه «ينبغي العمل على هدم منزل عائلة المنفذ». ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن أولمرت قوله، خلال مداولات أمنية عقدها على أثر العملية، إنه ينبغي أيضاً منع مخصصات التأمين الوطني التي تحصل عليها عائلة دويات.
وقالت مصادر سياسية إسرائيلية إن أولمرت سيبحث موضوع هدم المنزل مع وزير العدل دانيئيل فريدمان، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، وموضوع منع الاستمرار في دفع مخصصات التأمين الوطني للعائلة مع وزير الرفاه يتسحاق هرتسوغ من حزب «العمل».
وانضم وزير الدفاع إيهود باراك أيضاً على الداعين إلى هدم المنزل. وأكد، خلال حديث مع رئيس بلدية القدس الغربية أوري لوبليانسكي، دعمه لخطوة كهذه. وقال إنه «لا يعرف لماذا لم يتم حتى الآن هدم منزل منفذ عملية مركاز هراف قبل أربعة أشهر وأنه سيعمل من أجل تنفيذ عملية الهدم».
كذلك، دعا لوبليانسكي بعد العملية مباشرة إلى هدم منزل منفذ العملية، مشيراً إلى أن «من شأن ذلك منع شبان آخرين من القدس الشرقية من تنفيذ عمليات على أهداف إسرائيلية».
وهاتف الرئيس الأميركي جورج بوش أولمرت معزياً. وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، مارك ريغيف: «تحدث الرئيس بوش إلى رئيس الوزراء أولمرت لتقديم تعازيه إلى الشعب الإسرائيلي بعد هجوم القدس الدامي».
ووصف وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند الهجوم بأنه «عمل مروّع». وقال: «نأسف لسقوط ضحايا، ونتعاطف مع أسر الضحايا، ونقدم لهم التعازي ونشاطرهم صدمتهم». وأضاف: «إننا نفكر بالطبع بالعملية الرامية إلى إرساء سلام دائم وراسخ في منطقة الشرق الأوسط يضمن أمن إسرائيل والعدالة للفلسطينيين مع قيام دولة فلسطينية». وأوضح: «في هذا الإطار، سننتظر للاطلاع على تفاصيل أخرى ومعرفة الجهة التي ستعلن مسؤوليتها عن هذا العمل المروّع».
كما دانت روسيا الهجوم ووصفته بـ «العمل الإرهابي»، داعية الإسرائيليين والفلسطينيين إلى مواصلة المفاوضات رغم استفزازات «الإرهابيين». ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن بيان للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية يقول: «إننا ندين بحزم هذا العمل الوحشي، الذي لا يمكن أن يكون له مبرر. وإننا على اقتناع بأن من المهم جداً، رغم آلام الحدث، عدم الانجرار وراء استفزازات الإرهابيين والمتطرفين، بل بذل الجهود لمواصلة المفاوضات بغية التوصل إلى حل سياسي عادل للنزاع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي».
ودان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير «الهجوم الشنيع». وقال، في بيان، «إن هذا العمل الإرهابي غير المقبول يسيء إلى كل الإسرائيليين وكل الفلسطينيين».