هآرتس ــ دافيد ريفكن، كارل مور إن هزيمة الإرهاب تستوجب درجة من القوة، تجد إسرائيل والولايات المتحدة صعوبة في حشدها رغم قوتها العسكرية.
إسرائيل في نظر حزب الله وأشباهه لم تعد دولة مستعدة لتقديم التنازلات من أجل حياة مواطنيها وحريتهم فقط، بل إنها توافق على التنازل عن أمنها. هي مستعدة لإطلاق سراح القنطار وإرهابيين آخرين، سرعان ما سيعودون إلى تنفيذ العمليات، كي تخفف من وطأة الأسى المترتب على فقدان أعزائها.
عائلات الجنود الذين قتلوا تستحق استعادة جثث أبنائها، وعلى كل إسرائيلي أن يكون ممتناً لهم للتضحية التي ضحوا بها. المشكلة هي أن صفقة التبادل التي وقّعتها إسرائيل قد أفرغت هذه التضحية من مضمونها، وستؤدي في آخر المطاف إلى مآس مشابهة تلحق بعائلات إسرائيلية أخرى.
أحياناً، يجب أن تكون اعتبارات الحكومة الأخلاقية مغايرة للاعتبارات على المستوى الفردي. إن قرار الحكومة إثابة قتلة إيهود غولدفاسر وإلداد ريغف بدلاً من معاقبتهم، تبرهن أن الإرهابيين يستطيعون ابتزاز صفقات ربحية جداً وذات أهمية استراتيجية، من خلال استغلال مشاعر العدالة والنزاهة القائمة في إسرائيل.
إسرائيل كانت في ذروة قوتها عندما رفضت التفاوض مع من يعملون خارج حدود السلوك الحضاري. بذلك أجبرت الجمهور في إسرائيل على تحمل مآس فظيعة، إلا أنها منعت بذلك أيضاً حدوث مآس أخرى. الصفقة الحالية تعزز الرواية الأكثر اتساعاً التي يطرحها الإرهابيون الإسلاميون: إذا مورس ضغط قوي على الديموقراطية الغربية، فستتنازل. إسرائيل والولايات المتحدة ودول غربية أخرى لا تستطيع تحمل المواجهات والمعاناة رغم سلاحها المتطور.
هذه المأساة ذات أبعاد تاريخية. صفقة تبادل الأسرى التي ستقدم عليها الحكومة، وخصوصاً على خلفية سياستها «التصالحية» في سياقات أخرى، تبرهن مرة أخرى أن تهديدات الإرهابيين تفعل فعلها الآن حتى على إسرائيل. الأسوأ من ذلك أن الصفقة جاءت في موازاة الإخفاقات السياسية الأخرى مثل هزيمة إسرائيل في حرب لبنان 2006 واتفاقية التهدئة المعقودة أخيراً مع حماس.
حكومة أولمرت، التي أظهرت ضعف إسرائيل في مجالات مختلفة، أضعفت بذلك ترسانة قوتها الاستراتيجية بدرجة كبيرة، هذه القوة التي عملت أجيال من الجنود والسياسيين الإسرائيليين على بنائها بثمن باهظ. تطلب الأمر منّا سنوات حتى نبني لأنفسنا قوة ردعية راسخة، ولكننا احتجنا فترة قصيرة حتى نهدمها.