Strong>رشا أبو زكيسيتضمن البيان الوزاري مشروع البطاقة الصحية الذي أعدّه وزير الصحة العامة محمد خليفة، رغم إجماع ممثلي الكتل السياسية في البرلمان والأحزاب السياسية الرئيسية، في اجتماع نظمته بعثة المفوضية الأوروبية، على إقامة نظام تأمين صحي أساسي موحد وشامل بإدارة صندوق الضمان، ونظام لضمان الشيخوخة!

1) ما مصير مشروع التأمين الصحي الموحَّد وضمان الشيخوخة الذي طرح في اجتماع لبعثة الاتحاد الأوروبي وحظي بإجماع جميع الأطراف السياسية الممثلة في الحكومة اليوم؟
تبنيت هذا المشروع خلال جميع الحكومات التي تسلمت فيها وزارة الصحة، فأنا أرى أنه من دون شبكة أمان اجتماعية مكونة من عناصر التعليم والصحة وضمان الشيخوخة لا يمكن بناء دولة، إذ للأسف لبنان تاريخياً لم يعط لهذه المواضيع أهمية، فالضمان الاجتماعي لم يتطور منذ أن نشأ في ولاية الرئيس فؤاد شهاب، فقد كان يشمل 20 في المئة من الشعب اللبناني، وبعد 6 عهود متتالية لم تتجاوز التغطية 23 في المئة، ما يشير إلى أن الضمان لم يكن من ضمن الأولويات، وبالتالي فإن الحل لا يأت ضمن برامج انتقائية وجزئية، بل إن الضمان يجب أن يكون للغني والفقير معاً، لأن الفقر حالة متبدلة وغير ثابتة، لذلك طرحت المشروع الذي عرض في الاتحاد الأوروبي هدفاً لمشروع البطاقة الصحية الذي نعمل عليه حالياً، والذي يضمن التأمين الصحي الإلزامي للمواطنين والعاملين على الأراضي اللبنانية والأجانب الموجودين في لبنان، إذ يجب أن يكون لدينا جرأة للدخول في هذا المشروع. ولدينا أمثلة ناجحة في هذا الإطار، إذ إن وزارة الصحة لديها وفر بعد عجز في ميزانيتها وصل إلى 50 مليار ليرة، وعدد المرضى في مستشفيات الدولة ارتفع من 3500 مريض إلى 65 ألفاً في نهاية عام 2007، ومن هنا يمكن القيام بمشاريع صحية ناجحة إذا أحسنا استخدام التمويل وإدارته.

2) ولكن ما تم التوافق عليه في اجتماع البعثة الأوروبية هو أن يشمل النظام الصحي الشامل اللبنانيين المقيمين جميعاً، على أن يؤجّل شموله الأجانب، إضافة الى أن يكون المشروع بإدارة الضمان، لا الوزارة التي ستتحول إلى ناظم للقطاع؟
خلال الطرح الأول الذي قدمته في مجلس الوزراء، اقترحت أن تحوّل الدولة كل تمويلات الصحة إلى صندوق الضمان، وأن يكون التمويل من الموازنة العامة ومن المواطن، وكانت الخطة الأولى التي قدمتها أن يعمل الضمان على تطبيب جميع اللبنانيين، لكن ذلك قوبل بالرفض مباشرة، لأن ذلك يتناقض مع قوانين الضمان الذي يغطي الأجراء فقط. وأنا مع أن يتولى الضمان مشروع التغطية الشاملة، ولكن لو كانت تجربته ناجحة لما كنا نتكلم اليوم عن مشاريع لتعويض النقص الحاصل في تغطية اللبنانيين كالبطاقة الصحية مثلاً، فالضمان كان يجب أن يشمل 90 في المئة من اللبنانيين حالياً، ولكن لم يُلتَزَم بالتقديمات الاجتماعية، ولم يُهتَمَّ بالضمان، ما أدى إلى وصوله إلى حالته العاجزة حالياً. يضاف إلى ذلك، العقبات القانونية التي تتناقض مع شمول تغطية الضمان غير الأجراء.

3) هل نستطيع القول إن المشروع الذي تم التوافق عليه في اجتماع الاتحاد الأوروبي قد أُعدم؟
أنا مَن كتب المشروع الذي طرح في اجتماع البعثة الأوروبية، وأنا من كتب المشروع الصحي الذي قدم في مؤتمر باريس 3، وقد طرحت هذا المشروع على مجلس الوزراء، ولكن لم يستطع الضمان السير في هذا الموضوع. فمن جهة يوجد التمثيل الثلاثي في الضمان الذي يحصر قانوناً التقديمات بفئات محددة، والدولة ليس لديها البنية الضريبية لتطبيب الناس عبر الضمان، إذ يوجد مثال يؤكد عدم قدرة الضمان على السير في هذا المشروع، وهو الضمان الاختياري الذي انتهى بعجز تجاوز 100 مليار ليرة، وإن كان الضمان لم يستطع النجاح في تجربة الضمان الاختياري، فكيف سيستطيع السير في مشروع ضخم مثل شمولية التغطية الصحية؟
ففي وزارة الصحة نحن نطبب 200 ألف مريض بـ200 مليار ليرة، أي ما يوازي الضعف والنصف من القدرة الاستشفائية للضمان، وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا الأخير يصرف 460 مليار ليرة على الاستشفاء، ولذلك فالضمان لديه ثُغَر ضعف، وأنا مع أن يدخل في مشروع التغطية الشاملة، ولكنه لا يستطيع ذلك، فمثل هذا المشروع يحتاج إلى التوازن المالي، وهذا غير موجود في صندوق الضمان.

4) ولكن المشروع المطروح سيموّل من الموازنة لا الاشتراكات، وهو سهل التحقيق، ولا يحتاج إلى إجماع سياسي، لأنه محقق أصلاً؟
ولكن من يضمن من المواطنين أن ينجح هذا المشروع؟ فليبدأ الضمان بمشروع تغطية الفئات الأخرى تدريجاً، وقبل ذلك يجب أن يتحقق الإصلاح في عدد كبير من قطاعات الضمان، لكي يستطيع التطور.
ويجب أن يتحقق التوازن المالي، كذلك نطلب تمويل ضئيل للبدء بمشروع البطاقة الصحية، وهو أقل من التمويل المطلوب لكي يباشر الضمان في التغطية الشاملة. وصندوق الضمان ليس لديه حتى نظام معلومات للدخول بمثل هذا المشروع، إذن الضمان يحتاج إلى التطوير، وإذا تطور وأصبح قوياً وحقق التوازن المالي فعندها سنجري تعديلات قانونية لكي يتسلم الضمان هذا المشروع بكامله. فمشروع البطاقة الصحية يهدف إلى إنشاء مؤسسة استشفائية لغير المضمونين، على أن يجري التعاون مع قطاع التأمين في مجال الرقابة والتدقيق، وأن تأخذ الشركة 3 أو 4 دولارات على الشخص، فنحن نستعين بالخبرات ولا نعطي الإدارة للتأمين الخاص. وعندما يقول الضمان إنه جاهز عملياً وقانوناً عندها يستطيع تسلم المشروع.

5) ولكن نحن نعاني من تعدد الصناديق الضامنة، وإنشاء مؤسسة أخرى لغير المضمونين لا تكون بيد الضمان سيؤدي إلى تفاوت في نوعية الخدمات ونوعها؟
كلا، فهذا المشروع يقوم على تحقيق تكامل في التقديمات الصحية، وهو خطوة للوصول إلى مؤسسة استشفائية موحدة. وأتوقع أن يحل هذا المشروع 90 في المئة من مشكلة التغطية المنقوصة.

6) هل ستطرح مشروع البعثة الأوروبية هدفاً لمشروع البطاقة الصحية؟
إن البطاقة الصحية هي جزء من المشروع الذي طرح في اجتماع البعثة الأوروبية، فأنا أهدف إلى أن يكون هناك مؤسسة استشفائية تغطي مرضى الوزارة والضمان فيما يصبح صندوق الضمان للشيخوخة والتقاعد.
واصدار البطاقة سيسهل هذه المهمة كون كل مواطن سيصبح لديه رقماً وسيصبح مساهم في المشروع الصحي الوطني، لالغاء التمييز الاجتماعي القائم.

7) متى ستطرح هذا المشروع في مجلس الوزراء؟
سأطرح هذا المشروع بداية مع لجنة الصحة النيابية، ومن ثم على مجلس الوزراء، وسأقدم جميع الخيارات الموجودة، وجميع الدراسات التي أجريتها في ما يتعلق بمشروع البطاقة الصحية، وإن كان الضمان قادراً على تسلم المشروع فسيكون ذلك جيداً. وأنا حاضر من جميع الجوانب لطرح مشروع البطاقة الصحية، وبالطبع لن يُطرَح في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء أو الثانية، ولكن بالطبع قبل انتهاء ولاية الحكومة الجديدة، بأسرع وقت ممكن.
وأتوقع أن تعود الجلسات الوزارية يوماً في الأسبوع، وأؤكد أنه قبل انتهاء ولاية الحكومة سيرى المواطنون الجزء الأساسي من المشروع، على الرغم من أن مثل هذا المشروع يستلزم 3 سنوات بالحد الأدنى للاشراف عليه ومتابعته، وهذا لا يعني أنني سأبقى وزيراً خلال السنوات المقبلة، ولكن هذا المشروع يحتاج إلى المتابعة.


موظف ووزير