ارتفع المازوت أكثر من 90% في سنة، وبات مصدر قلق، ليس لتأثيره على ميزانيات الأسر فحسب، بل لأنه يمثّل حافزاً لتدمير الثروة الحرجية
نقولا أبو رجيلي

هل أصبح يوم الأربعاء نظير شؤم عند اللبنانين؟ فهذا اليوم يحمل معه أسبوعياً ارتفاعاً جديداً لأسعار المحروقات، من خلال الجدول الدوري الذي تعلنه وزارة الطاقة، وأصبحت اهتمامات أبناء البقاع وأهالي المناطق الجبلية تتركّز على تتبع أسعار المازوت التي تزيد من هلعهم حتى في عزّ الصيف، ما أدّى إلى انطلاق موجة استباقية عارمة لجمع الحطب، بديلاً طبيعياً للتدفئة في الشتاء المقبل.

أثرياء وفقراء

الارتفاع المتواصل لسعر صفيحة المازوت خلال الأشهر الماضية، وتداعياته على الصعيدين الاقتصادي والمعيشي عموماً، أقلق سكان المناطق الجبلية، الذين يعتمدون على هذه المادة وسيلة أساسية للتدفئة في فترة تزيد على أربعة أشهر في فصل الشتاء.
وقد عمد بعض الأغنياء والميسورين إلى شراء الكميات اللازمة من المازوت المهرب بأسعارها الحالية التي تتراوح حالياً بين 29 و31 ألف ليرة للصفيحة، خوفاً من ارتفاع الأسعار مع بداية الشتاء وموسم البرد، إلا أن السواد الأعظم من المواطنين، ذوي الدخل المحدود وأبناء الفئات المتوسطة والفقيرة، لا يمتلكون المداخيل الكافية لتحمّل كلفة هذا الإجراء الاستباقي، فعمدوا إلى البحث عن البدائل التي تمكّنهم من توفير التدفئة لعائلاتهم... فكانت الضحية مئات الأشجار الحرجية والمثمرة، التي تُقطَع منذ الأن، استغلالاً للفوضى القائمة، وخوفاً من أي إجراءات قد تُتخذ لاحقاً لمنعهم من ذلك.

تهريب من سوريا

وخلافاً للعادة، يشهد سوق بيع الحطب حركة لافتة في وقت مبكر هذا العام، وتنتشر الشاحنات الصغيرة المحملة بالحطب على مفاصل الطرقات الرئيسية والفرعية في محيط مدينة زحلة وبعض المناطق. فأصحاب هذه الشاحنات كانوا ينشطون، في مثل هذه الأوقات «الحارة» في الأعوام السابقة، بنقل الخضار والفاكهة إلى جميع أسواق الخضار، أمّا اليوم فهم يفضّلون تجارة الحطب التي تلقى رواجاً ملحوظاً نتيجة كثرة الطلب على شراء كميات تباع بالأطنان.
ويستغرب جهاد، الذي ينتظر وشاحنته ممتلئة بالحطب المقطع والجاهز للاستعمال على أوتوستراد زحلة ـــــ شتورا، ازدياد الطلب في أوقات مبكرة على شراء الكميات التي يجمعها من مناطق عدة، معظمها من بلدات البقاع الشمالي المتاخمة للحدود السورية ـــــ اللبنانية على امتداد السلسلة الشرقية... وبحسب قوله، فإن تهريب المازوت من الداخل السوري تواكبه منذ فترة قصيرة عمليات تهريب للحطب ينقلها بعض الأفراد عبر الجبال بأسعار متفاوتة بحسب نوعية الأشجار التي تُقتلَع وتُقَطَّع.
من جهته، يلفت بلال إلى أن بعض أصحاب الأراضي يقتلعون أشجارهم رغم أنها متوسطة العمر، وذلك بسبب أسعار الحطب المرتفعة، وتداركاً للمزيد من الخسائر الناجمة عن كلفة الاعتناء بالبساتين.

أسعار مرتفعة

ويوضح بلال أن أسعار الحطب ارتفعت بسبب ارتفاع كلفة النقل وأجور العمّال، مشيراً إلى أن حطب السنديان هو الأغلى، لندرته، إذ إن الطن الواحد منه يباع بين 200 و 250 دولاراً، وتتدنى الأسعار تدريجاً بالنسبة إلى باقي الأنواع، ويحتل الخوخ والتفاح الدرجة الثانية فيباع الطن الواحد بين 200 و260 ألف ليرة، أما باقي الأشجار فيتراوح سعر الطن الواحد من حطبها بين150 و200 ألف ليرة لبنانية.


260
ألف ليرة


ينصح بلال زبائنه:
«اشتروا الآن حطب الخوخ بـ260 ألف ليرة، أفضل من أن تشتروه لاحقا بـ300 ألف ليرة»