بغداد ــ زيد الزبيديفيما تنتظر المحافظات العراقية جلسة البرلمان يوم الاثنين المقبل لإقرار قانون انتخابات مجالسها المحليّة، لا تزال انتخابات محافظة كركوك مجهولة المصير، حيث يلوح احتمال تأجيلها إلى أجل غير مسمّى، في ظلّ الخلافات بين الأحزاب الكردية والعربيّة على قانونها الخاص.
وينصّ القانون المقترح المرفوض كردياً، بتقسيم المحافظة إلى 4 دوائر انتخابية، توزّع فيها المقاعد بنسبة 32 في المئة لكلّ من العرب والأكراد والتركمان و4 في المئة للأقليات الأخرى.
وكانت جلسة البرلمان العراقي أول من أمس، التي انسحب منها ممثلو التحالف الكردستاني، قد كشفت عن هشاشة الاتفاقات التي عقدها التحالف مع الأطراف السياسية الأخرى في ما يتعلّق بوضع المدينة المتنوّعة قوميّاً، حيث تتخذ الأحزاب الحليفة له موقفاً مناقضاً لسياسته هناك.
كذلك، اتضح في هذه الجلسة أن الطرف الكردي لا يملك أوراق القوة في كركوك، حيث كان بالإمكان التصويت على توزيع المقاعد رغم اعتراض التحالف الكردستاني، إذ بقي النصاب مكتملاً بعد انسحاب الأخير من الجلسة البرلمانيّة.
لكن الحسابات السياسية منعت الكتل البرلمانية الأخرى من المضي في عملية التصويت.
ورأى مراقبون أن غياب التحالف الكردستاني عن البرلمان يلحق الضرر به حصراً، وأن تخلّي حلفائه عنه في هذه المسألة سحب منه القدرة على ترجيح كفّة ميزان القوى في المجلس، لكن من دون أن يفسح ذلك المجال، سياسياً، لحسم المسألة رغماً عنه.
ولعلّ هذا الواقع هو ما دفع رئيس مجلس محافظة كركوك، رزكار علي حمه، المؤيد للتحالف الكردستاني، أمس إلى إصدار موقف داعم للتحالف في البرلمان، حيث هدّد بقطع إمدادات النفط عن سائر أرجاء العراق في حال إقرار مقترح التقسيم الإثني. وشدّد زركار على أنّ «اتخاذ أي قرار من دون الرجوع إلى مجلس المحافظة، أمر مرفوض منّا، وإن كان بموافقة جميع أعضاء البرلمان». وأضاف: «لولا جروح العراق الكثيرة والفوضى الإدارية لأوقفنا عملية تصدير النفط من حقول كركوك».
ويرى المراقبون أنّ مقترح التقسيم الرباعي يأتي بسبب «خصوصية الوضع في كركوك»، الذي يعود إلى ما قبل الاحتلال، حيث رفضت واشنطن إلحاق المحافظة بـ«المحمية الكردية» في الشمال. ثمّ جاء الحاكم الأميركي بول بريمر ليثبّت تلك الوضعية الخاصة عام 2003.
وفيما يرفض الأكراد مقترح الدوائر الأربعة، يطرحون بديلاً منه هو «تطبيق المادة 140 من الدستور»، التي فات أوان تطبيقها ولم تعد صالحة في نظر العديدين بما أنها كانت تنصّ على إجراء استفتاء شعبي لتقرير مصيرها قبل نهاية عام 2007.
كما يرى مراقبون أنّ التغيّرات الديموغرافية في المدينة الشمالية، التي يرتكز عليها الأكراد للمطالبة بالسيطرة على المجلس، هي مبالغ فيها، رغم إعادة تهجير آلاف العائلات العربية منها، بما يتنافى مع حقوق الإنسان وحقوق المواطنة.
وفيما قرّر مجلس النوّاب العراقي تحديد يوم الاثنين المقبل موعداً نهائياً للتصويت على قانون انتخابات مجالس المحافظات في ظلّ استمرار الخلافات عليه، تتجه الأنظار إلى حلّ آخر طرحه التحالف الكردستاني في جلسة الثلاثاء، ويتمثّل في موافقته على استثناء كركوك من إجراء انتخابات محلية فيها، «إلى حين إيجاد حلّ توافقي ليعبّد الطريق من أجل تنفيذ القانون، ويمكن عندئذ إحالة الموضوع على رئيس مجلس الوزراء، وبالتنسيق مع المفوضية العليا للانتخابات لاتخاذ ما يلزم بشأنه».
واعتبر التحالف أنه «يمكن تأجيل الانتخابات لمجالس محافظة كركوك والأقضية والنواحي التابعة لها إلى حين الانتهاء من أحد الإجراءات الآتية، وهي استكمال الإحصاء العام للسكان في العراق ومستلزمات تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، ووصول جهود الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بشأن محافظة كركوك ستيفان دو ميستورا إلى حل مقبول سياسياً من جميع الأطراف».
ومن الملاحظ أن مقترح التأجيل هذا، لا يشير إلى أي بند أو حلّ قريب، ما يرجّح تأجيل الانتخابات إلى سنة أو سنتين، أو حتى بعد الانتخابات التشريعية العامة المقبلة.
وفي هذه الحالة، يُفترض التوافق أيضاً على كيفية إدارة المحافظة، وقد يكون هذا التوافق على الأغلب، وفق الصيغة التي يتبناها رئيس الجمهورية جلال الطالباني، وهي تخصيص 32 في المئة من المناصب الحكومية والوظائف لكل من التركمان والأكراد والعرب، و4 في المئة للأقليات، أي التوزيع نفسه المقترح لانتخابات مجلس المحافظة، الذي سبّب معارضة الأحزاب الكردية في الأساس.