هآرتس ــ آري شبيطإليكم نتائج الحرب بين إسرائيل وحزب الله: الحزب يستعيد قاتلاً حيّاً، بينما تعيد إسرائيل إلى حدودها جنديَّين ميتين، ضحّت بأرواح 160 جنديّاً ومواطناً من أجلهما. حزب اللّه يحظى بانتصار رمزي، بينما تمر إسرائيل في ذروة أزمة قيَميّة. حزب الله يحقّق في لبنان سيطرة سياسية شبه كاملة، بينما تتضرّج إسرائيل في فوضى سياسية منفلتة. حزب الله يسلّح نفسه بـ40 ألف صاروخ تهدّد أراضينا، بينما تبقى إسرائيل من دون ردّ ملائم على ذلك. حزب اللّه يزيد من قوته النارية أربعة أو خمسة أضعاف، بينما تتغلف إسرائيل بصمت واهن. حزب الله يضاعف منظومته القتالية ويبني أجهزة نارية شمالي الليطاني وجنوبيه، ستلزم جيشنا باحتلال نصف لبنان في المجابهة المقبلة، بينما تصاب إسرائيل بالشلل والإرباك.
حزب الله يطالب أيضاً بمزارع شبعا من خلال شعوره بالقوة، بينما تتعثر إسرائيل في طريقها نحو الانسحاب المقبل.
عامان مرّا على تحرّش ميليشيات صغيرة بدولة إقليمية عظمى. واليوم تمرّ هذه الميليشيات في حالة تعاظم غير مسبوقة، بينما تغرق الدولة العظمى الإقليمية في البلبلة والحيرة والانحلال وغموض المشاعر والأحاسيس.
إليكم أحدث نتائج حرب إسرائيل على «حماس»: تخطف جنديّاً إسرائيلياً على مسافة قصيرة من مواقع جيش الدفاع، وتطلب من إسرائيل أن تركع على ركبتيها من أجل إطلاق سراحه. «حماس» تفرض على إسرائيل تهدئة تزيد من قوتها استراتيجياً، لأنها تعرف أنّ قيادتها لا تملك قدرة أخلاقية على مواجهتها وجهاً لوجه. هي تتسلّح بالصواريخ المضادة للطائرات وللدبابات والعبوات التقنية التي تجعل المجابهة المستقبلية بينها وبين الجيش الإسرائيلي مقابل ثمن يصل إلى مئات القتلى. «حماس» تبني منظومة صاروخية تهدّد مدينة أشدود ومستعمرة كريات جات وقواعد حيوية لسلاح الجوّ ومنشآت استراتيجية حسّاسة قريباً.
عامان ونصف مرّا على تحرّش تنظيم إرهابي متعصب بالدولة العظمى الإسرائيلية، وما زالت قدرة هذا التنظيم تتطوّر بصورة مطّردة، بينما تسير الدولة العظمى من فشل تكتيكي إلى فشل استراتيجي ومن هاوية إلى أخرى.
إليكم أحدث نتائج حرب إسرائيل على المشروع النووي الإيراني: إيران تتقدّم نحو القنبلة، بينما تُحشَر إسرائيل في الزاوية. صحيح أنّ إيران تواجه مصاعب تكنولوجية معينة، وصحيحٌ أيضاً أنّ إسرائيل تبذل قصارى جهدها لتأخير وصول إيران إلى القنبلة النووية. وصحيحٌ كذلك أنّ الدول العظمى الغربية تدرك اليوم المغزى الكامل للخطر الإيراني. ولكن إسرائيل لم تنجح في تحويل هذا الإدراك في الغرب إلى إصرار لكبح المشروع النووي الإيراني بأي ثمن.
إسرائيل لم تنجح في بلورة خطوة طارئة دولية تفرض العقوبات الشديدة والفورية على إيران. لذلك ينحسر إمكان كبح إيران سياسياً. احتمال توجيه الولايات المتحدة ضربة عسكرية آخذ في التلاشي.
تقترب اللحظة التي قد يكون الاختيار فيها بين أمرين: وصول إيران إلى القنبلة النووية، أو تحرك إسرائيلي. 3 سنوات بعد وصول الرئيس الإيراني غريب الأطوار محمود أحمدي نجاد إلى الحكم، وهو يتحدث عن إبادة إسرائيل، التي لم تنجح رغم هذه الفترة في صدّه وعزله.
ومثلما فشلت إسرائيل في مواجهة حسن نصر اللّه وإسماعيل هنية، فشلت أيضاً في مواجهة نجاد. ورغم أن هذا الفشل سياسي ومغزاه هدوء غير نهائي، إلّا أنّ نتائجه ستكون أشدّ بلاءً بكثير قياساً بالفشلين الآخرين.
إليكم آخر نتائج كفاح إسرائيل من أجل السلام: في الجبهة الفلسطينية يبذل الآن جهد بطولي لابتداع وثيقة. طاقم أوسلو عاود نشاطه وهو يحاول أخذ تواقيع القائدين الضعيفين على ورقة عديمة المسؤولية. إن وُقِّعت هذه الوثيقة فستورّط إسرائيل بشدة، وإن لم توقَّع، فقد يؤدي الفشل إلى انهيار السلطة الفلسطينية.
على أيّة حال، نحن أمام خطوة متسرّعة تمثّل خطراً على حل الدولتين ولا تدفع به إلى الأمام. لكن بينما الفشل الإسرائيلي في المسار الفلسطيني هو مجرد احتمال، فقد أصبح في المسار السوري أمراً حقيقياً وفعلياً. إسرائيل تمنح بشار الأسد الذي يواصل تسليح حزب الله، شرعية دولية (انظروا إلى مؤتمر باريس) من دون أي ثمن. الخطوة الضرورية للتفاوض مع السوريين تجري بصورة فوضوية بدرجة لا تُصدَّق.
عامان بعد حرب لبنان الثانية، وها هم السوريون حلفاء حزب الله ينجحون في الخروج من ضائقتهم والتلاعب بإسرائيل ودفعها نحو موقف الضعف الصارخ.
خلال العامين ونصف العام من حكم إيهود أولمرت، فشلت إسرائيل على 4 جبهات. لم يكن أيٌّ من هذه الإخفاقات ضرورياً. إسرائيل كانت ولا تزال أساساً دولة شديدة القوة. ولكن عندما تدير حكومة حمقاء هذه الدولة بغباء، وفي كلّ المجالات، تكون النتيجة فشلاً كبيراً واسع النطاق، فشلاً قد يتحول إلى تهديد حقيقي. ليس تهديداً وجودياً، ولكنه بالتأكيد تهديد استراتيجي.