تراجع رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، أمس عن تصريحات أدلى بها إلى مجلة «دير شبيغل» الألمانية، وعبّر فيها عن دعم حكومته لانسحاب قوات الاحتلال في غضون 16 شهراً، على قاعدة أنه «أُسيء فهمها»، فيما كانت حكومته تتلقى دفعة سياسية جديدة بعودة وزراء «جبهة التوافق العراقية» إليها.وكان المالكي قد شدّد في مقابلة مع «دير شبيغل» على أنه يؤيد اقتراح المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية باراك اوباما، بوجوب مغادرة القوات الأميركية للعراق في غضون 16 شهراً. وأضاف أنه يريد أن تنسحب القوات الأميركية «بأسرع وقت ممكن»، وهو يرى أن الفترة التي حددها أوباما هي «الإطار الزمني الصحيح» لسحب قوات الاحتلال، مع إدخال تعديلات طفيفة عليها.
وبعد يوم واحد على التصريح، أكد المتحدث الرسمي باسم الحكومة، علي الدباغ، أن المالكي «يؤكد أن تصريحاته إلى مجلة دير شبيغل قد أسيء فهمها وترجمتها، ولم يتمّ نقلها بصورة دقيقة». وأضاف أن رئيس الوزراء «يؤكد على وجود رؤية عراقية تنطلق من واقع الحاجة الأمنية للعراق حيث إن التطورات الإيجابية للوضع الأمني تجعل موضوع انسحاب القوات الأجنبية ضمن آفاق وجداول زمنية متفق عليها».
وأشار الدباغ، في بيانه، إلى أنّ «تصريحات رئيس مجلس الوزراء أو أي من أعضاء الحكومة العراقية لا يجب أن تفهم بأنها تأييد لأي من مرشحي الرئاسة الأميركية».
وعلّق البيت الأبيض، على لسان المتحدث باسمه سكوت ستانزل، على تصريحات المالكي قائلاً إن القيادي العراقي «أوضح في المقابلة أن أي قرار سيتخذ يرتكز على التطورات الإيجابية المستمرة على الأرض»، وفقاً للإعلان المشترك بينه وبين الرئيس جورج بوش الجمعة الماضي الذي أعلنا فيه اتفاقهما على أن يشمل الاتفاق الطويل الأمد مع بغداد «أفقاً زمنياً عاماً» لانسحاب الاحتلال.
وتناغمت «تصحيحات» المالكي مع رفض رئيس الأركان المشتركة في الجيش الأميركي، الجنرال مايكل مولن، للمطالب العراقية بتحديد جدول زمني للانسحاب. وعبّر مولن عن «قلقه» من دعوات تحديد جدول زمني، قائلاً إن «أفضل طريقة لتحديد عديد القوات في العراق، هو تقويم الظروف على الأرض واستشارة القادة الميدانيين» جازماً بأنّ «العواقب قد تكون خطيرة جداً في حال وجود جدول زمني ثابت».
ولفت مولن إلى أنّه في حال استمرار الأوضاع في التحسّن، فقد يصبح قادراً على إصدار توصية لمزيد من الانسحابات قبل انتهاء ولاية بوش في الخريف المقبل.
في هذا الوقت، أعلنت «جبهة التوافق العراقية» عودتها إلى المشاركة في الحكومة عبر وزرائها الخمسة ونائب رئيس الوزراء، بعدما منحهم البرلمان الثقة أول من أمس.
ورأى المتحدث باسم الجبهة، سليم الجبوري، أنّ العودة «هي خطوة وطنية متقدمة في تعزيز دور الحكومة والمصالحة الوطنية باجتماع الكلمة وتوحيد الصف الوطني، إذ شاركت معظم الكتل النيابية في التصويت».
وكانت الجبهة قد انسحبت من الحكومة في آب الماضي، وطالبت بأن يكون لها دور أكبر في السياسة الأمنية وصناعة القرار.
ورأى مراقبون أن الحملات التي قادها المالكي، والتي أيدتها الجبهة في المناطق الجنوبية ذات الغالبية الشيعية، والانفتاح العربي على بغداد المتمثل بتسمية السفراء وزيارات المسؤولين إلى عاصمة الرشيد، عوامل ساهمت في تذليل العقبات أمام عودة «الجبهة» إلى الحكومة.
في المقابل، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن تأجيل انتخابات مجالس المحافظات إلى 22 كانون الأول المقبل، في خطوة مناقضة لتكرار جميع الكتل السياسية في السابق التأكيد على نيّة إجرائها في موعدها المحدد في مطلع تشرين الأول.
وأوضحت عضو المفوضية، حمدية الحسيني، أن التأجيل جاء «بغية استكمال جميع متطلبات العملية الانتخابية وفق المعايير الدولية»، بعدما تشاورت المفوضية في هذا الشأن مع الأمم المتحدة.
وأضافت الحسيني «إذا صادق مجلس النواب أو لم يصادق على قانون انتخابات مجالس المحافظات، فسيتم تأجيل الانتخابات إلى موعدها الجديد»، موضحة أنه في حال عدم إقرار المجلس للقانون المذكور، فإن المفوضية سيكون لها قرار آخر لم تفصح عن طبيعته.
إلى ذلك، التقى المالكي في النجف المرجع آية الله علي السيستاني، لكن لم يصدر أي بيان حول مضمون المحادثات.
وأتى اللقاء على هامش حضور رئيس الوزراء افتتاح مطار النجف الدولي، الذي يعوّل عليه بشكل أساسي لتحسين وضعية السياحة الدينية في الجنوب العراقي.
ميدانياً، برز اعتراف قوات الاحتلال بقتل ابن محافظ صلاح الدين حمد حمود الشكطي وقريب آخر له «لأنهما كانا مسلّحين ويبيّتان نيات عدائيّة» خلال حملة أمنيّة في المحافظة الشماليّة.
(أ ب، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)