يتحدّث عن ثلاثة سيناريوات محتملة لما حدث بعد ليلة الرابع من أيار 1988 محمد بدير

كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أمس، عن بعض التفاصيل الواردة في التقرير الذي تسلّمته إسرائيل من حزب الله بشأن طيارها المفقود، رون أراد، في إطار عملية التبادل الأخيرة. ونقلت الصحيفة عن جهات إسرائيلية معنية قولها إن التقرير في الخلاصة «كاذب» وإنه أبقى حال الغموض عن مصير أراد كما كانت عليه.
ورأى مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة «معاريف»، عامير رابابورت، أن التقرير الذي أعدّه الحزب عن أراد يؤكّد شيئاً واحداً فقط هو أن ملّاح الجو المفقود كان موجوداً حتى ليلة الرابع من أيار عام 1988 في أحد البيوت في بلدة النبي شيت في البقاع الأوسط، إلا أنه يثير علامات استفهام على حقيقة ما حصل لأراد في اليوم التالي.
يشار إلى أن التاريخ المذكور شهد عملية عسكرية إسرائيلية، كانت الأكبر منذ اجتياح عام 1982، شنّها جيش الاحتلال على بلدة ميدون المحاذية للجزء الشرقي من الحزام الأمني السابق في منطقة البقاع الغربي. وكان الهدف من العملية الإسرائيلية الثأر لمقتل ضابط إسرائيلي برتبة مقدم على أطراف مزارع شبعا في عملية نفذتها المقاومة آنذاك. واقتضت خطة العملية تنفيذ توغل بري بحجم لواء لـ«محو» القرية عن وجه الأرض لأجل تلقين حزب الله درساً على قتله للضابط الإسرائيلي.
ومن المعلوم أن الرواية الرسمية التي كان الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، قد أعلنها في مؤتمر صحافي أعقب عملية التبادل التي حصلت عام 1996، تقول إن أراد فُقد من مكان احتجازه في النبي شيت في اليوم نفسه الذي حصلت فيه واقعة ميدون. وأشار في حينه إلى أن سجّانَي أراد تركا المكان الذي احتجز فيه وذهبا ليطمئنا إلى أقرباء لهم بعدما سمعوا أنهم استشهدوا في ميدون.
وكتب رابابورت أن تقرير الحزب يتحدث عن ثلاثة سيناريوات محتملة للمسار الذي سلكته الأمور في أعقاب تلك الليلة. الأول أن تكون وحدات خاصة من الجيش الإسرائيلي نفذت عملية لإنقاذ أراد، إلا أن المحاولة باءت بالفشل. الثاني أن يكون أراد حصل على مساعدة من أحد سجانيه وحاول الفرار ففشل. والسيناريو الثالث يفترض أن يكون سجانوه تركوه وحيداً في تلك الليلة فحاول الهرب وقتل خلال المحاولة. وفي السيناريوات الثلاثة يستنتج تقرير الحزب أن أراد قتل، لكن من دون أن يؤسس هذا الاستنتاج على أدلة حسية.
وذكر رابابورت أن الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية الثلاثة، «الموساد» و«الشاباك» و«أمان»، عكفت على دراسة التقرير فور تسلمه من منسق مفاوضات التبادل الإسرائيلي، عوفر ديكل، وأنها جميعاً توصلت إلى استنتاج واحد بشأنه، هو أنه «تقرير كاذب».
إلا أنه برغم ذلك، نقل رابابورت عن مصادر أمنية إسرائيلية رأيها بأن فرضية أن يكون أراد قتل في ليلة الرابع من أيار 1988 هي فرضية واقعية. ولم تستبعد المصادر نفسها احتمالاً آخر لم يرد في تقرير حزب الله: أن يكون أحد سجاني أو آسري أراد أطلق النار عليه انتقاماً لما حصل في ميدون، وأخفى جثته بمساعدة أفراد من حزب الله أو إيران أو من دونها.
وأشار رابابورت إلى أن فرضية مقتل أراد في الأسر تنسجم مع الرواية التي أفاد بها القيادي السابق في حركة «أمل»، مصطفى الديراني، خلال التحقيق معه بعد اختطافه إلى إسرائيل عام 1994، وهي تتوافق أيضاً مع تقدير الاستخبارات الإسرائيلية حول كون بلدة النبي شيت هي إحدى المحطات التي مر عليها أراد في مسيرة أسره، وإن لم تكن المحطة الأخيرة.
وعن التقويم النهائي لتقرير الحزب، نقل رابابورت عن جهات أمنية إسرائيلية قولها إن التحقيق بشأن مصير أراد موجود بالضبط في النقطة نفسها التي كان فيها قبل ورود التقرير.
ويرى رابابورت أن إسرائيل ترى أنها لم تحصل على أي معلومة جوهرية عن أراد وأنها بقيت تدور في دوامة لغز فقدان ملاحها كما كانت تفعل قبل التقرير. ويشير مصدر أمني إلى أن التقرير ليس خديعة من جانب حزب الله فحسب، بل خديعة إسرائيلية أيضاً. ويوضح المصدر نفسه أن «حزب الله كان محتاجاً إلى التقرير كي يتمكن من الادّعاء بأنه قام بما يستطيع لكشف مصير أراد، وللحصول على سمير القنطار من دون حل اللغز فعلياً. لكن من جهة أخرى، نحن أيضاً كنا بحاجة إلى التقرير، حتى لو كان كاذباً، كي نقول للرأي العام إننا تنازلنا عن سمير القنطار كورقة مساومة فقط بعدما قمنا بما يمكن في سبيل رون أراد». ويضيف «لقد حصل الحزب هذا الأسبوع على سمير القنطار وأربعة أسرى أحياء، فيما حصلنا نحن على جثتي إيهود غولدفاسر وألداد ريغيف، وهو أمر مهم، لكن في موضوع رون أراد بقينا مع اللغز نفسه».