السوق مهدَّدة بالموت... وتحركات للمطالبة بنقلها

طرابلس ــ عبد الكافي الصمد
بات مصير سوق الخضر والفواكه الرئيسية في طرابلس مهددة بالموت السريري، والاحتضار تدريجاً، بعدما أسهمت الاشتباكات الأمنية الأخيرة بين منطقتي باب التبانة (حيث يقع السوق) وجبل محسن، في تحول السوق إلى مكان مقفر من البضائع والزبائن على حد سواء، بعدما كانت مكاناً يضج بالحياة والحركة الاقتصادية على مدار الساعة. فقد مثّلت الأحداث الأمنية الأخيرة ضربة موجعة لسوق طرابلس، هي الثالثة على التوالي في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وذلك بعد عدوان تموز 2006وأحداث مخيم نهر البارد العام الماضي، ما ألحق أضراراً كبيرة بالموسم الزراعي في الشمال، وأوقع المزارعين والتجار تحت خسائر أوصلت بعضهم إلى الإفلاس نتيجة عدم القدرة على تصريف الإنتاج وتسويقه، والسجن بسبب عدم إمكان سداد الأقساط المصرفية والديون المتراكمة عليهم.

تحركات تصعيدية

ودفع هذا الوضع المأساوي للقطاع الزراعي في الشمال إلى تصعيد نقابة تجار ومعلمي سوق الخضر في طرابلس تحركها، ومطالبتها بالإسراع في نقل السوق من مكانه إلى قرب المحجر الصحي عند مصب نهر أبو علي كما هو مقترح منذ سنوات. وأعلنت النقابة أنها ستعقد مؤتمراً صحافياً قبل ظهر اليوم لشرح خطة تحركها المقبلة والضغط من أجل تنفيذ مطلبها. ويأتي ذلك بالتزامن مع إضراب رمزي ستغلق بموجبه محالّ السوق البالغة 185 لمدة ساعة، وخصوصاً بعدما تعرضت أغلب هذه المحالّ لسرقات واعتداءات من مسلحين وفارضي خوات وعاطلين من العمل داخل المنطقة.
وقد أوضح أمين سر النقابة محمد القصاب لـ«الأخبار» أن «كل الوعود التي سمعناها لنقل السوق إلى خارج باب التبانة كانت «حكي فاضي»، مشيراً إلى أن «الأضرار التي تلحق بنا يومياً نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية كبيرة، وأن عدداً كبيراً من تجار السوق مهددون بإعلان إفلاسهم، فضلاً عن أن البعض بدأوا يفكرون بالانتقال والعمل في مناطق أخرى، أو بتغيير مهنتهم».
وأشار القصاب إلى أنه «أبلغنا المسؤولين أنه إذا لم يُتدارك الموضوع، فسننقل السوق إلى خارج طرابلس، إلى المنية والضنية مثلاً»، لافتاً إلى أنه «وضع أخيراً حجر الأساس لإنشاء سوق للخضار في بلدة قبة بشمرا في عكار، ومع أن هذا السوق سيضعف من قوة السوق المركزي في طرابلس، فليس أمامنا حل آخر، فالمواسم الزراعية في عكار والمنية والضنية تحديداً، تتعرض للتلف أو للبيع بأسعار متدنية بسبب عدم قدرة أصحابها على إيصالها إلى السوق نتيجة الوضع الأمني، وذلك للسنة الثالثة على التوالي، إضافة إلى أن السلع الزراعية التي تأتينا من البقاع الشمالي من طريقي عكار والضنية، كذلك فإن أصحاب المواسم الزراعية في أقضية زغرتا والكورة والبترون وبشري، باتوا يفضلون إرسالها إلى أسواق بيروت وصيدا وجبيل، وذلك يأتي على حساب تراجع سوق طرابلس التي تعد الأكبر في لبنان».

عودة «الخوّات»!

وإذ لفت القصاب إلى أن «معظم العمال السوريين في السوق قد غادروها إلى بلادهم خوفاً من تعرضهم لاعتداءات»، كشف أن «التجار والمزارعين من المناطق الأخرى امتنعوا عن القدوم إلى سوق طرابلس، خشية تعرضهم لاعتداءات أو «بهدلات» و«فرض خوات» نتعرض نحن أهل المنطقة لها». وأوضح القصاب أن تجار السوق «سيتحركون باتجاه المسؤولين لشرح الموضوع، وهم سيزورون رئيس الجمهورية، والرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري ومجلس الإنماء والإعمار، للإسراع في تأمين بديل من السوق الحالية، لأن المحالّ التي دفعنا دم قلبنا لنشتريها أو نستأجرها، باتت اليوم لا ترد لنا تكاليف مصاريفها اليومية».
وكانت النقابة قد أصدرت بياناً أعلنت فيه «شجبها واستنكارها لطريقة تعاطي الجهات المعنية مع مطلبها المزمن في إنشاء سوق جديد للخضار، وأنها ستنفذ إضراباً رمزياً بإغلاق السوق، بالتزامن مع عقدها مؤتمراً صحافياً في قصر رشيد كرامي الثقافي البلدي (قصر نوفل سابقاً)، احتجاجاً على الإهمال والمماطلة».
ولفتت النقابة في بيانها إلى أن «السوق الحالي أنشئ عام 1933، عندما كان سكان طرابلس لا يتجاوزون 60 ألف نسمة، وكان السوق يقع على أطراف المدينة، إلا أنه اليوم بات في وسطها، وازداد عدد سكان المدينة والنازحين إليها من المناطق المجاورة أضعافاً»، مشيرة إلى أن «السوق يعاني حالياً من الاحتضار، والتجار لم يعودوا قادرين على الاستمرار وتحمل الصعوبات الأمنية والاقتصادية»، محذرين من أن «هذه الخطوة هي خطوة أولى، ستليها خطوات تصعيدية أخرى، وصولاً إلى تحقيق هذا المطلب الحيوي والمعيشي الهام بالنسبة إلى آلاف العائلات».