أكثر من ستين عائلة فلسطينية نازحة تعيش في تجمع بركسات "بحنين" الذي أنشأته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا عقب أحداث مخيم نهر البارد عام ألفين وسبعة، وهي أحداث دُمّر على إثرها المخيم كلياً وأصبح قاطنوه نازحين هنا وهناك.
تجمع "بركسات بحنين" ليس إلا واحداً من بين خمسة تجمعات تتوزع على أطراف المخيم. يعاني سكان التجمع من مشاكل جمة تعيق حياتهم اليومية، خصوصاً أنه يقع في منطقة تبعد عن المخيم حوالى نصف ساعة، وكذلك بعده عن المدارس والعيادات الاستشفائية، وأيضاً الاسواق والمحال التجارية.
الحاجة أم العبد أرملة تقطن هي وأولادها السبعة في غرفين صغيرتين داخل التجمع، علماً بأن أسقف الغرف عبارة عن صفائح زينكو. وتفتقر غرف التجمع الى الاساسات والأعمدة . تروي لنا أم العبد حالها بعد سنوات على مكوثها في المنزل المؤقت قائلة "منذ انتهاء المعارك وأنا أسكن في هذا التجمع. أخبرونا حينها أن المدة التي سنقضيها هنا هي ثلاث سنوات حتى انتهاء مرحلة الاعمار، وحتى اليوم ما زلنا نعيش في بحنين رغم مرور ثماني سنوات. الوضع هنا سيّئ جداً، ونعاني من تداعيات فصل الشتاء علينا، لأن البرد قارس".
وتضيف أم العبد" سقف الزينكو يجلب البرد لنا، والغرف تغرق في مياه الامطار عند هطل الأمطار، ونخاف من سقوط الأشجار علينا عند اشتداد العواصف، كذلك نسمع أصوات حيوانات مخيفة ليلاً، ما يجعل أطفالي في حالة رعب شديد".
الأوضاع المعيشة في "بركسات بحنين" تتفاقم يوماً بعد آخر، لأن تلك البركسات لا تصلح للسكن الآدمي؛ ففي فصل الصيف تكون أفراناً نارية، وفي الشتاء تكون أشبه بالبرادات. كل هذا وسط غياب وسائل التدفئة المطلوبة، وتجاهل المعنيين والمؤسسات الخيرية إعانة تلك العائلات.
لا تختلف الحال في بركسات بحنين عن باقي التجمعات السكنية في المخيم، فالمعاناة واحدة والحرمان مشترك، وما يزيد الامر خطورة هو عدم صلاحية تلك التجمعات من الناحية الصحية، فثمة أمراض انتشرت بين اللاجئين نتيجة تكدس الغرف بعضها على البعض، ولأنها في الاصل أنشئت لتكون صالحة لإيواء النازحين ثلاث سنوات فقط، لكن التأخر في عجلة الإعمار حال دون ذلك.
ورغم مضيّ أكثر من ثماني سنوات على حرب نهر البارد، لم تُطوَ صفحة معاناة أهالي المخيم بعد، وآلية الإعمار ما زالت تسير ببطء شديد، والنازحون يعيشون أسوأ أيامهم بعيدين عن منازلهم التي تحولت الى ركام. وما يصبّ الزيت على النار وقف الأونروا لبرنامج خطة الطوارئ المتمثلة في الخدمات الإغاثية والتعليم والاستشفاء بنسبة مئة في المئة.