غزة | عندما كان أطفال غزة يحاولون أن يبنوا بيوتاً من رمل شاطئ البحر المتوسط الذي تطل عليه المدينة، كان أسامة سبيته يأخذ ركنا بعيداً عن أقرانه وأصدقائه ويحاول أن يجسد حروف كلمة "وطن" بالرمل الذهبي ويطوقها بجدار حتى لا تأتي المياه فتجرف ما صنع.كبر وأتم دراسته الجامعية، وعندما اصطدم بواقع البطالة المتفاقم داخل القطاع، لجأ إلى البحر مجدداً يكتب عليه أو يرسم أو ينحت من الرمل الخالص.

لمع نجم أسامة بعدما قرر التضامن مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بمنحوتاته الرملية.
وسبيته (24 عاماً) ابن حي الشجاعية يجيد أيضاً الرسم على الزجاج وبثفل القهوة. هي الأدوات المتوفرة له في القطاع ومن السهل الحصول عليها تماماً كرمل غزة.
المفارقة أنه لا يحلو لهذا الشاب البشوش العمل على الشاطئ إلا في الأجواء الماطرة! والسر أن التربة الرطبة أيسر في تكوين الأشكال. منحوتات هشة يحلو للفنان أن يخسرها بموجة عالية بعد أن تكون كاميرات الموبايلات التقطت لها صوراً، سرعان ما تنتشر على الفايس.
وإن كان الضائعون يرمون برسائلهم في قناني الزجاج الى البحر، فإن الفنان الغزي لا يشذّ عنهم كثيراً. إلا أن رسالته موجهة الى العالم، وفحواها: على هذه الأرض، تحديداً، ما يستحق الحياة، وخاصة مواهب ناسها المغتالة بالحصار والإهمال والفقر.