يحيى دبوقبقيت صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله محطّ الأنظار في إسرائيل، حيث تواصلت سلسلة المواقف والتعليقات المنتقدة للصفقة، لجهة الثمن الباهظ الذي دفعته الدولة العبرية، والتداعيات الخطيرة على المستويات كلها.
آخر موجات الانتقاد صدرت عن محافل أمنية وعسكرية تضمنت امتعاضاً من الثمن الذي دفعته إسرائيل والأولويات المعكوسة الترتيب التي انتهجتها الحكومة في إدارة المفاوضات في ملف الأسرى.
وفي هذا السياق، صدر تصريحان شديدا اللهجة من جانب مسؤولين كبيرين ضالعين في صفقات الأسرى. الأول على لسان رئيس شعبة القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي اللواء أليعيزر شتيرن، والثاني على لسان رئيس «الموساد» مئير دغان.
فقد انتقد شتيرن، الذي كان مسؤولاً أيضاً عن الاتصال مع عائلات الجنود الأسرى، والذي من المفترض أن يتسرّح قريباً من الجيش الإسرائيلي، الأثمان التي تدفعها إسرائيل لقاء الأسرى والمخطوفين، مُشيراً إلى أنها «مبالغ فيها». ونقلت عنه «معاريف» قوله «في الأسابيع الأخيرة ما كنت لأوصي بمثل هذه الأثمان». وأضاف «إسرائيل خضعت للإرهاب، وهذه هستيريا تمس مناعتنا الوطنية. خسارة أننا لا نتعلم من الأميركيين الذين لا يجرون أي حوار مع الإرهابيين، بل يقاتلون ضدهم ويطاردونهم. والدليل هو أنه في العراق لا يوجد خطف على الإطلاق لجنود أميركيين، لأن الإرهابيين يعرفون أنهم لن يتحدثوا معهم».
موقف شتيرن هذا سلّط الضوء على حقيقة الموقف من صفقة التبادل الأخيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي، حيث كان الانطباع السائد يفيد حتى الآن بأن ثمة رأياً واحداً في الجيش الإسرائيلي يؤيد صفقات الأسرى عموماً، والصفقة الأخيرة خصوصاً. أما الآن، فيتبيّن أن رأي رئيس الأركان الإسرائيلي غابي أشكنازي، الذي أيّد الصفقة على طول الطريق، مغاير لرأي البعض من جنرالاته.
إضافة إلى ذلك، نقلت «معاريف» أيضاً عن رئيس «الموساد» مئير دغان أقوالاً قاسية. ومعروف أن دغان كان من أشد المعارضين للصفقة الأخيرة، وهاجمها على خلفية الضرر الذي ستحدثه.
وبحسب «معاريف»، يتبيّن الآن أن دغان قال في المداولات المغلقة إن الخطأ المبدئي لإسرائيل يتمثّل في ترتيب أولويات إدارة المفاوضات. فهو يعتقد أنه كان ينبغي على إسرائيل أن تجد أوّلاً حلاً لمشكلة الجندي الأسير لدى «حماس»، جلعاد شاليط، حيث هناك يقين بأن الجندي لا يزال حياً، وفقط بعد ذلك التوجه إلى المفاوضات مع حزب الله على الجنديين القتيلين ألداد ريغيف وإيهود غولدفاسر. في هذه الحال، يعتقد دغان، كان يتعيّن على إسرائيل أن تغيّر الأولويات وأن تحاول حل مشكلة شاليط أوّلاً.
من جهة ثانية، وبعد عملية التبادل مع حزب الله، يستعد المسؤولون في الدولة العبرية لاستئناف الاتصالات غير المباشرة مع «حماس» بغية إجراء عملية تبادل أخرى بهدف استعادة شاليط.
وفي هذا الإطار، أجرت لجنة وزارية برئاسة نائب رئيس الحكومة حاييم رامون، أول من أمس، نقاشاً بحثت فيه تليين المعايير لتحرير أسرى فلسطينيين، على أن تجتمع مرة أخرى في وقت قريب. وتقدر أوساط سياسية أنه مطلوب إبداء الليونة من جانب إسرائيل من أجل أن تخرج الصفقة إلى حيّز التنفيذ. وقالت مصادر سياسية لموقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني «على الرغم من المفاوضات الصلبة التي تدار مع حماس، في نهاية الأمر ستضطر إسرائيل إلى دفع ثمن كبير جداً عبر تحرير قتلة من أجل إعادة جلعاد إلى البيت».
وستطلب اللجنة مرة أخرى سماع موقف «الشاباك» المعارض بقوة لتحرير أسرى «من النوع الثقيل»، أو بحسب التسمية الإسرائيلية «الملطّخة أيديهم بالدماء»، وخصوصاً في ما يتعلق بمعتقلين خططوا لتنفيذ عملية فندق بارك أو أولئك الذين يقفون وراء عمليات الحافلات في القدس المحتلة، أو حتى اغتيال الوزير رحبعام زئيفي، في إشارة إلى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أحمد سعدات. لكن على الرغم من موقف «الشاباك»، يبدو أن بعض الوزراء سيغيّر في الفترة القريبة سياسته. وفي هذا المجال، قال أحد الوزراء «لا يوجد خيار. القرار الحاسم في نهاية الأمر هو قرار المستوى السياسي، وهو سيضطر إلى القبول بذلك حتى مع معارضة المؤسسة الأمنية» لذلك.
ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني عن مصدر سياسي رفيع المستوى قوله في أعقاب النقاش في شأن تقدير الوضع إن «حماس استخلصت درسين من تبادل الأسرى مع حزب الله. الأول، أن الصبر في مواجهة إسرائيل مجد حتى نقطة معينة، والثاني تحقق عندما رأوا الاحتفالات التي جرت في لبنان لتحرير سمير القنطار»، وبالتالي يمكن لهم نشر أجواء الفرح بشكل مضاعف وسط السكان الفلسطينيين في قطاع غزة عبر تحرير 450 معتقلاً وهو ما يعدّ وفق تقديرهم «تعزيزاً لحماس».